شركة ألمانية تبدأ دراسة مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا

تصور فني لنفق سكك حديدية تحت البحر يمتد عبر مضيق جبل طارق، يعرض تصميمًا هندسيًا مستقبليًا يبرز ضخامة المشروع. يُظهر المشهد مقطعًا عرضيًا للنفق مع قطارات عالية السرعة داخله، محاطًا بمياه المحيط الزرقاء العميقة وكائنات بحرية متناثرة. في الخلفية، تظهر السواحل المغربية والإسبانية لإبراز الربط بين القارتين.

في خطوة جريئة تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي وربط القارتين الإفريقية والأوروبية، فازت شركة Herrenknecht Ibérica الإسبانية بعقد لإجراء دراسة جدوى لبناء نفق السكك الحديدية تحت البحر الذي يربط بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق. يُعد هذا المشروع الطموح أحد أهم المشاريع الإستراتيجية في المنطقة، حيث يحمل في طياته وعودًا بتحقيق نقلة نوعية في مجال النقل والتجارة بين القارتين.

تفاصيل العقد والدراسة

العقد، الذي بلغت قيمته نحو 296,400 يورو، يمثل مرحلة جديدة في دراسة إمكانية تنفيذ المشروع الذي طال الحديث عنه لعقود. ومن المتوقع أن تُسلَّم نتائج الدراسة بحلول يونيو 2025. وتشمل الدراسة تقييم الجدوى التقنية والهندسية، مع التركيز على تعقيدات الحفر تحت البحر والتحديات الجيولوجية في منطقة المضيق.

مسار النفق وأهميته

سيبدأ النفق المقترح من منطقة مالاباطا في طنجة المغربية إلى بونتا بالوما بالقرب من طريفة جنوب إسبانيا، عبر مسافة تبلغ حوالي 28 كيلومترًا. ومن المتوقع أن يكون النفق على عمق قد يصل إلى 300 متر تحت مستوى سطح البحر، مما يجعله من أكثر المشاريع تعقيدًا من الناحية الهندسية.

يهدف هذا النفق إلى نقل أكثر من 13 مليون مسافر سنويًا بالإضافة إلى تسهيل حركة البضائع بين القارتين. وسيكون للنفق دور محوري في تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية بين أفريقيا وأوروبا.

خطوات تقنية واستعدادات مكثفة

من أجل التعامل مع التحديات التقنية، أعلن وزير التجهيز والماء المغربي، نزار بركة، عن بناء نفق تجريبي لإجراء دراسات تحت الأرض واختبار الحلول المقترحة قبل بدء التنفيذ الكامل. وتهدف هذه الخطوة إلى تقليل المخاطر وفهم العوائق التقنية بشكل أفضل.

كما تعمل الجمعية الإسبانية لدراسات الاتصالات الثابتة عبر مضيق جبل طارق، التابعة لوزارة النقل الإسبانية، على إجراء دراسات حول النشاط الزلزالي في المناطق التي من المتوقع أن يمر منها النفق. وتشمل هذه الدراسات تركيب أجهزة قياس زلازل في قاع البحر لجمع بيانات دقيقة حول المخاطر الزلزالية المحتملة.

التحديات والفرص

رغم الحماسة الكبيرة حول المشروع، إلا أن التحديات الجيولوجية والهندسية قد تمثل عقبات رئيسية. المنطقة معروفة بنشاطها الزلزالي، مما يستدعي أخذ احتياطات صارمة لضمان سلامة النفق.

لكن في المقابل، يحمل المشروع فرصًا هائلة لتحفيز الاقتصاد المحلي في كلا البلدين. فالنفق سيعزز حركة التجارة والسياحة ويوفر آلاف فرص العمل خلال مرحلتي البناء والتشغيل.

رؤية إستراتيجية للمستقبل

يُعد هذا المشروع تجسيدًا لرؤية طموحة تهدف إلى تحقيق تكامل اقتصادي واجتماعي أكبر بين أوروبا وأفريقيا. ومن المتوقع أن يُحدث النفق تحولًا جذريًا في حركة النقل البحري والجوي بين المغرب وإسبانيا، مما يعزز من مكانة البلدين كمحورين رئيسيين للنقل الدولي.

لا شك أن مشروع بناء نفق السكك الحديدية تحت البحر بين المغرب وإسبانيا يُعد خطوة جريئة وطموحة نحو تعزيز الربط بين القارتين. ورغم التحديات التقنية والبيئية التي تواجهه، فإن الإرادة السياسية والاقتصادية من الجانبين تعكس تصميمًا قويًا على تحويل هذا الحلم إلى واقع ملموس.

سيظل هذا المشروع محط أنظار العالم خلال السنوات القادمة، ومن المؤكد أن نتائجه ستُحدث تغييرًا كبيرًا في خريطة النقل الإقليمي والدولي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق