في خطوة مثيرة للجدل، اقترح رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، فرض ضريبة بنسبة 100% على شراء العقارات من قبل الأجانب غير المقيمين ومن خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المغاربة. يأتي هذا القرار ضمن جهود الحكومة الإسبانية للحد من أزمة الإسكان التي تواجهها البلاد، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
خلفية القرار
تشهد إسبانيا ارتفاعاً حاداً في أسعار العقارات، مما أدى إلى صعوبة الحصول على سكن بأسعار معقولة، خاصة بالنسبة للمواطنين الإسبان والمقيمين الدائمين. وقد أظهرت الإحصائيات أن المواطنين الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي اشتروا أكثر من 27,000 عقار في إسبانيا خلال عام 2023 وحده، مما زاد من حدة المنافسة على المساكن وأدى إلى تضخم الأسعار في السوق.
وفقاً للبيانات، يشكل المغاربة نسبة كبيرة من المشترين الأجانب، حيث قاموا بشراء 5,452 منزلًا في الربع الأول من عام 2024، ما يمثل حوالي 8% من إجمالي العقارات التي تم بيعها للأجانب. بالإضافة إلى ذلك، يأتي البريطانيون والروس في مقدمة المشترين غير الأوروبيين.
أسباب المقترح
أوضح رئيس الوزراء أن الهدف الأساسي من هذا الإجراء هو كبح المضاربة العقارية التي يمارسها بعض المشترين الأجانب، حيث يتم شراء العقارات بغرض تحقيق أرباح سريعة أو استغلالها للإيجار السياحي. وقال سانشيز إن "هذه الممارسات أدت إلى تفاقم أزمة الإسكان وحرمت العديد من الإسبان من فرصة الحصول على منزل بأسعار معقولة."
كما أشار إلى أن الأموال الأجنبية، رغم أهميتها للاقتصاد الإسباني، تسببت في تغيير طبيعة العديد من الأحياء وتحويلها إلى وجهات سياحية بحتة، مما أثر سلباً على جودة حياة السكان المحليين.
ردود الفعل
لاقى هذا المقترح ردود فعل متباينة داخل وخارج إسبانيا. ففي حين رحب بعض السياسيين المحليين بالإجراء باعتباره خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، اعتبره آخرون تمييزاً ضد الأجانب وقد يؤثر سلباً على الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
أما على الصعيد الدولي، أعربت بعض الدول عن قلقها إزاء تأثير هذا الإجراء على رعاياها الذين يرغبون في شراء العقارات في إسبانيا. وقد وصف بعض المستثمرين البريطانيين الإجراء بأنه "عقاب جماعي"، خاصة وأنهم يمثلون شريحة كبيرة من المشترين الأجانب.
تأثير القرار على المغاربة
يشكل المغاربة أحد أبرز الفئات المتضررة من هذا الإجراء المقترح، نظراً لأنهم يمثلون نسبة كبيرة من المشترين الأجانب في إسبانيا. وقد أشار خبراء في المجال العقاري إلى أن هذا القرار قد يدفع المغاربة للبحث عن وجهات استثمارية أخرى في أوروبا أو خارجها.
وبحسب محمد العمراني، خبير عقاري مغربي، فإن "العديد من المغاربة ينظرون إلى إسبانيا كوجهة مفضلة للاستثمار العقاري بسبب قربها الجغرافي والتاريخ المشترك. لكن إذا تم فرض الضريبة، فإن ذلك سيجعل من الاستثمار في العقارات الإسبانية خياراً غير جذاب."
التحديات القانونية
لا يزال هذا المقترح في مرحلة المناقشة ولم يدخل حيز التنفيذ بعد، حيث يحتاج إلى موافقة البرلمان الإسباني. ومن المتوقع أن يواجه القرار تحديات قانونية، خاصة من قبل الجماعات الحقوقية والمستثمرين الأجانب الذين قد يعتبرونه تمييزياً وغير متوافق مع مبادئ حرية التجارة والاستثمار.
النظرة المستقبلية
في حال اعتماد هذا الإجراء، قد يشهد السوق العقاري الإسباني انخفاضاً ملحوظاً في الطلب الأجنبي، مما قد يؤثر على الاقتصاد المحلي في بعض المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات العقارية الأجنبية. ومع ذلك، قد يساعد هذا القرار في تخفيف أزمة الإسكان على المدى الطويل إذا تم توجيه العائدات الضريبية بشكل صحيح لدعم مشاريع الإسكان الاجتماعي.
بينما تسعى إسبانيا لتحقيق توازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية وحماية حقوق مواطنيها في السكن، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان هذا الإجراء سيحقق الأهداف المرجوة أم سيؤدي إلى نتائج عكسية. في الوقت الحالي، يترقب الجميع مصير هذا المقترح في البرلمان، وكيفية تأثيره على سوق العقارات الإسباني وعلى العلاقات بين إسبانيا ودول العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق