المغرب وموريتانيا يوقعان اتفاقية استراتيجية للربط الكهربائي: خطوة نحو تعزيز أمن الطاقة والتكامل الإقليمي
في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة وتفعيل التكامل الإقليمي، وقّع المسؤولون في المغرب وموريتانيا اتفاقية تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين البلدين. وقد تم توقيع الاتفاقية في العاصمة الموريتانية نواكشوط، على هامش مبادرة ملكية أطلسية تهدف إلى تعزيز العلاقات الإفريقية جنوب–جنوب وتوسيع آفاق التعاون الطاقي مع أوروبا ودول غرب إفريقيا.
تفاصيل الاتفاقية ومكانتها الاستراتيجية
شهد حفل التوقيع حضور كبار المسؤولين؛ فقد قام المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في المغرب، السيد طارق همان، بالتوقيع إلى جانب نظيره في موريتانيا، المدير العام للشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك)، السيد سيدي سالم محمد العبد. وتأتي هذه الخطوة في إطار توجيهات الملك محمد السادس، الذي يعتبر المشروع جزءًا من رؤية استراتيجية لإنشاء شبكة طاقة إقليمية تعتمد على استغلال موارد الطاقات المتجددة وتحقيق تكامل أفضل في قطاع الكهرباء بين الدول المجاورة.
تسعى الاتفاقية إلى تطوير وإنجاز الربط الكهربائي بما يتيح تبادل الطاقة بين المغرب وموريتانيا بمعدل يتراوح بين 800 و1000 ميغاواط في الاتجاهين، وهو ما سيسهم في تحسين أداء الشبكتين وتعزيز موثوقيتهما، إضافة إلى فتح آفاق للتبادل الطاقي مع الأسواق الأوروبية وغرب إفريقيا في إطار تجمع الطاقة لغرب إفريقيا.
الفوائد المتوقعة وأثرها على قطاع الطاقة
تواجه موريتانيا تحديات كبيرة في قطاع الطاقة، حيث تُعد أسعار الكهرباء من بين الأغلى في المنطقة وتتعرض لانقطاعات متكررة تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين. ومن خلال هذا المشروع، يأمل المسؤولون في تخفيض تكلفة الكهرباء وتأمين إمدادات مستقرة للطاقة، مستفيدين من الخبرات المغربية في إنتاج وتوزيع الكهرباء، خاصة في ظل توجه المغرب نحو تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
كما يُتوقع أن يساهم الربط الكهربائي في تقليل اعتماد موريتانيا على محطات الطاقة التقليدية، مما يؤدي إلى تحقيق استقرار أكبر في الشبكة الكهربائية، ودفع عجلة الاستثمارات في مجالات الطاقة النظيفة والحديثة. ومن جهة أخرى، فإن هذا المشروع يُعد بمثابة منفذ ثاني للمغرب لتصدير فائض الكهرباء المولدة من الطاقات المتجددة، مما يعزز مكانته كمحور للطاقة على المستوى الإقليمي.
أبعاد التعاون الإقليمي والشراكة المستقبلية
لا تقتصر أهمية الاتفاقية على الجوانب الفنية والتقنية فقط، بل تتعداها لتشكل نموذجًا للتكامل الاقتصادي والإقليمي بين الدول الإفريقية. فقد أكدت الجهات المسؤولة على أهمية تبادل الخبرات وتكوين فرق عمل مشتركة بين الجانبين، من أجل تحقيق تنمية مستدامة في مجال الطاقة وتوسيع آفاق التعاون في مشاريع أخرى ذات علاقة بالبنى التحتية للطاقة.
وفي سياق متصل، تأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من الاتفاقيات التي أبرمتها الدول الإفريقية لتعزيز الربط الكهربائي بين بعضها البعض، مما يفتح المجال أمام استثمارات مشتركة ومشاريع بنية تحتية متطورة من شأنها دعم النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة في المنطقة.
تمثل توقيع اتفاقية الربط الكهربائي بين المغرب وموريتانيا خطوة استراتيجية حاسمة في إطار رؤية أوسع لتحقيق التكامل الطاقي والإقليمي. ومن المتوقع أن يساهم المشروع في تحسين جودة إمدادات الكهرباء، وتخفيض التكاليف، وتعزيز الاستقرار في الأسواق الطاقية، ما يعود بالنفع على شعبي البلدين ويسهم في تعزيز الشراكة الاقتصادية والطاقية على مستوى القارة الإفريقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق