مصدرون مغاربة بين مطرقة الضرائب الموريتانية وسندان غضب المزارعين الأوروبيين

مصدرون مغاربة بين مطرقة الضرائب الموريتانية وسندان غضب المزارعين الأوروبيين

يواجه المصدرون المغاربة للخضر والفواكه أزمة متفاقمة تهدد استمرارية تجارتهم نحو أبرز وجهتين لهم: غرب إفريقيا والسوق الأوروبية. ففي الوقت الذي تفرض فيه موريتانيا ضرائب جمركية مرتفعة تحول دون مرور الشاحنات المغربية بسهولة، تنتشر احتجاجات المزارعين في أوروبا، وخاصة في إسبانيا وفرنسا، ضد المنتجات المغربية، مما يضع المهنيين في حالة من "الحيرة" ويثير مخاوفهم من خسائر اقتصادية كبيرة.

تراجع الصادرات إلى موريتانيا

تشهد الحدود المغربية-الموريتانية تراجعًا ملحوظًا في حركة الشاحنات المحملة بالخضر والفواكه، حيث انخفض عددها من 80 شاحنة يوميًا إلى حوالي 15 فقط، وفقًا لتصريحات مهنيين في قطاع النقل الدولي. وتعزى هذه الوضعية إلى الضرائب "الخيالية" التي تفرضها نواكشوط، إلى جانب استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على المنتجات المغربية. فقد بدأت موريتانيا بتشجيع الفلاحين المغاربة على زراعة الخضر والفواكه داخل أراضيها، مع اشتراط منع تصديرها خارج حدودها، مما جعل هذا السوق أقل جاذبية للمصدرين.

احتجاجات المزارعين في أوروبا

على الجانب الآخر، أشعلت انتفاضة المزارعين الفرنسيين موجة من الغضب في أوروبا، وصلت إلى إسبانيا، أكبر سوق للصادرات المغربية في القارة العجوز. ومع إعلان هيئات نقابية إسبانية تنظيم مظاهرات مستلهمة من التجربة الفرنسية يوم الثلاثاء المقبل، يتخوف المصدرون المغاربة من تكرار سيناريوهات سابقة شهدت استهداف شاحناتهم، تفريغ حمولاتها، وحتى الاعتداء على السائقين بالحجارة. هذه التطورات تزيد من تعقيد الوضع أمام المهنيين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين خيارات محدودة.

وفرة محلية وحاجة ملحة للتصدير

في الداخل المغربي، يؤكد المهنيون أن السوق المحلية تشهد وفرة كبيرة في الإنتاج، مما يجعل التصدير ضرورة حتمية لتفادي هدر المنتجات. لكن العوائق في موريتانيا والمخاطر في أوروبا تجعل هذا الهدف بعيد المنال. وفي هذا السياق، يرى محمد الزمراني، رئيس الجمعية المغربية لمصدري المنتجات إلى إفريقيا والخارج، أن "الوضع أصبح لا يطاق"، مشيرًا إلى أن الخيارات تتضاءل أمام المصدرين الذين لا يعرفون إلى أين يتجهون.

مطالب عاجلة بالتدخل الحكومي

أمام هذا الواقع المعقد، يرفع المهنيون، من سائقي الشاحنات إلى المصدرين، صوتهم مطالبين الوزارة الوصية بالتدخل العاجل. ويطالبون بمفاوضات مع موريتانيا لتخفيف الضرائب الجمركية، ومع الدول الأوروبية لحماية الشاحنات المغربية من الاعتداءات. كما يدعون إلى تقديم دعم مباشر للقطاع لضمان استمراريته، محذرين من أن استمرار الأزمة يهدد ليس فقط معيشة المهنيين، بل أيضًا سلسلة التوريد بأكملها، من الفلاح إلى المستثمر.

تصريح رسمي متفائل

في المقابل، سبق لوزارة الفلاحة المغربية أن قللت من تأثير احتجاجات المزارعين الأوروبيين، مؤكدة أن الصادرات لم تتضرر بشكل كبير، وأن الأمر يقتصر على تأخير بسيط في وصول البضائع. لكن هذا التصريح لم يخفف من قلق المهنيين الذين يرون في الوضع تهديدًا حقيقيًا لمستقبلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق