في خطوة طموحة تعزز مكانة المغرب كلاعب رئيسي في سوق الطاقة المستدامة، أعلن نزار بركة، وزير التجهيز والماء، عن خطة لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى فرنسا عبر ميناء الناظور غرب المتوسط. يأتي هذا الإعلان في سياق مناقشات ثنائية مع مسؤولين فرنسيين، ليؤكد التزام البلدين بتطوير شراكات طاقية تدعم التحول نحو الاستدامة. ومع قرب المغرب الجغرافي من أوروبا، يبدو أن ميناء الناظور سيصبح بوابة رئيسية لنقل هذا المورد الواعد.
مشروع طاقي يرسم المستقبل
كشف الوزير بركة أن المغرب يسعى لاستغلال إمكانياته الهائلة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو مصدر طاقة نظيف يُنتج باستخدام الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح. ويهدف المشروع إلى تلبية الطلب الأوروبي المتزايد على بدائل الوقود الأحفوري، في وقت تسعى فيه فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. ويُعتبر الهيدروجين الأخضر "وقود المستقبل" بفضل قدرته على تشغيل الصناعات الثقيلة والنقل دون انبعاثات ضارة.
وأوضح بركة أن هذا المشروع يندرج ضمن رؤية المغرب لتطوير منظومة طاقية متقدمة، مستفيدًا من نجاحات سابقة مثل مشروع "نور" للطاقة الشمسية، الذي يُعد من أكبر المحطات في العالم.
ميناء الناظور: قلب العملية
سيكون ميناء الناظور غرب المتوسط محور هذا المشروع الطاقي الضخم. وبفضل موقعه الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، يوفر الميناء نقطة انطلاق مثالية لتصدير الهيدروجين إلى الأسواق الأوروبية. ويتميز الميناء ببنية تحتية حديثة تتيح معالجة ونقل الموارد بكفاءة، مما يعزز دوره كمركز لوجستي رئيسي في المنطقة.
ويرى خبراء أن اختيار الناظور ليس عشوائيًا، إذ يُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي في جهة الشرق، ويوفر فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة المغرب كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا.
شراكة مغربية-فرنسية واعدة
جاء الإعلان عن المشروع عقب لقاءات مكثفة بين مسؤولين مغاربة ونظرائهم الفرنسيين، حيث تم التركيز على تعزيز التعاون في مجال الطاقة المستدامة. وأكد الجانبان أهمية هذا المشروع في دعم أهداف التحول الطاقي، سواء في المغرب الذي يطمح لتصدير الطاقة النظيفة، أو في فرنسا التي تسعى لتنويع مصادر الطاقة لديها.
وفي هذا السياق، يُعد الهيدروجين الأخضر ركيزة أساسية في استراتيجية الاتحاد الأوروبي لخفض الانبعاثات، حيث تتوقع فرنسا أن يشكل هذا المورد ما يصل إلى 20% من مزيج الطاقة لديها بحلول منتصف القرن.
المغرب: مركز للطاقة الخضراء
يأتي هذا المشروع كجزء من رؤية المغرب للاستفادة من موقعه الجغرافي المميز وموارده الطبيعية الوفيرة ليصبح مركزًا عالميًا للطاقة الخضراء. فقد نجح البلد في السنوات الأخيرة في بناء قدرات كبيرة في الطاقة الشمسية والريحية، مما يوفر أساسًا متينًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية.
ويتوقع المحللون أن يسهم المشروع في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير صناعات جديدة مرتبطة بالهيدروجين، فضلاً عن خلق الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق