إسبانيا تؤكد أن علاقاتها مع المغرب تعيش "أفضل لحظة في التاريخ" وتعلن عن اتفاق بشأن الجمارك
أكد وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أن العلاقات بين إسبانيا والمغرب تمر بأفضل مراحلها التاريخية، مشيرًا إلى وجود "اتفاق سياسي مضمون" بين البلدين بشأن فتح الجمارك البرية في سبتة ومليلية. جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها الوزير الإسباني، حيث أكد أن التعاون بين البلدين يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مزيد من التقارب الاقتصادي والسياسي، بما يخدم مصالح الجانبين.
تعزيز العلاقات بين إسبانيا والمغرب
شهدت العلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بعد أن مرت بفترات من التوتر الدبلوماسي. ومنذ استئناف العلاقات بشكل رسمي عام 2022، عقب أزمة دامت لأشهر بسبب موقف إسبانيا من قضية الصحراء، عملت الحكومتان على تعزيز التعاون في مختلف المجالات، من بينها التجارة، الأمن، الهجرة، والتنمية الاقتصادية.
وفي هذا السياق، أكد ألباريس أن الاتفاق المتعلق بفتح الجمارك في سبتة ومليلية يعد خطوة مهمة نحو تعزيز التبادل التجاري بين البلدين. وأضاف أن هذه الخطوة ستتم "بطريقة منظمة وتدريجية"، حيث يجري العمل على تنفيذها بما يضمن مصالح الطرفين ويحقق توازنًا اقتصاديًا يخدم سكان المناطق الحدودية.
ملف الجمارك البرية بين الرباط ومدريد
يُعتبر ملف الجمارك في سبتة ومليلية من القضايا الشائكة في العلاقات الإسبانية المغربية. فعلى مدى عقود، ظلت المغرب ترفض الاعتراف الرسمي بالحدود الجمركية في المدينتين المحتلتين، وهو ما أدى إلى فرض قيود على حركة البضائع والتجارة بين الطرفين. لكن في إطار التقارب الأخير، وافق المغرب على إعادة فتح الجمارك، وهو ما يُنظر إليه كجزء من التفاهمات الأوسع التي توصل إليها البلدان بعد زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الرباط في 2022.
وأكد الوزير الإسباني أن الاتفاق بشأن الجمارك يأتي ضمن "خارطة طريق" تم الاتفاق عليها خلال الاجتماعات الثنائية، مضيفًا أن التنفيذ سيتم عبر مراحل لضمان سلاسة العملية وعدم تأثيرها على الأسواق المحلية.
انعكاسات الاتفاق على العلاقات الاقتصادية
يمثل فتح الجمارك في سبتة ومليلية خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات التجارية بين إسبانيا والمغرب، حيث ستسهل عمليات التصدير والاستيراد، ما يسهم في دفع عجلة الاقتصاد المحلي على جانبي الحدود.
من جهة أخرى، يرى محللون أن تنفيذ هذا الاتفاق قد يواجه بعض التحديات، خاصة من حيث الجوانب اللوجستية والإدارية، فضلًا عن معارضة بعض الأوساط السياسية في إسبانيا لهذا التقارب، خصوصًا في ظل مطالبة بعض الأحزاب الإسبانية بضمان حقوق سكان سبتة ومليلية قبل تنفيذ أي اتفاقات جديدة.
التعاون الأمني والهجرة
إلى جانب الجوانب الاقتصادية، أشار ألباريس إلى أن التعاون الأمني بين البلدين يشهد تطورًا ملحوظًا، خاصة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية. حيث تم الاتفاق على تكثيف الجهود الأمنية لمواجهة شبكات تهريب البشر وتعزيز المراقبة على الحدود لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الأراضي الإسبانية.
مستقبل العلاقات بين البلدين
مع استمرار تنفيذ خارطة الطريق المشتركة، تبدو العلاقات بين إسبانيا والمغرب متجهة نحو مزيد من الاستقرار والتعاون، لا سيما مع وجود إرادة سياسية واضحة لتعزيز الشراكة في مختلف المجالات.
ويرى مراقبون أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من الاتفاقات الاقتصادية والاستثمارية التي قد تُساهم في تعميق الروابط بين البلدين، خاصة في ظل سعي إسبانيا للاستفادة من موقع المغرب كبوابة إلى إفريقيا، بينما يسعى المغرب لتعزيز علاقاته مع أوروبا والاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الإسبانية في عدة قطاعات حيوية.
تمثل تصريحات وزير الخارجية الإسباني تأكيدًا جديدًا على متانة العلاقات بين الرباط ومدريد، وتُشير إلى توجه البلدين نحو بناء شراكة إستراتيجية قائمة على المصالح المشتركة. وبينما يتم العمل على تنفيذ الاتفاق الجمركي بشكل تدريجي، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استمرار هذا التقارب وتعزيزه بما يحقق التنمية والازدهار لشعبي البلدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق