التضخم والتفاوتات المجالية يضغطان على القدرة الشرائية للأسر المغربية

التفاوتات الاقتصادية بين جهات المغرب تثير تساؤلات حول فعالية السياسات العمومية
القدرة الشرائية للأسر المغربية تحت ضغط التضخم والتفاوتات المجالية


تواجه الأسر المغربية تحديات متزايدة في ظل استمرار التضخم وارتفاع الأسعار، مما يؤثر على قدرتها الشرائية بشكل مباشر. وعلى الرغم من بعض التحسن في مؤشرات الفقر المطلق، إلا أن التفاوتات المجالية لا تزال قائمة، ما يطرح تساؤلات حول فعالية السياسات الاقتصادية والاستثمارية المتبعة في البلاد.

التفاوتات المجالية وتحديات الفقر:
وفقاً لأحدث بيانات المندوبية السامية للتخطيط، انخفض معدل الفقر المطلق من 4.8% سنة 2014 إلى 3.9% في 2022. لكن هذا التحسن العام يخفي وراءه تفاوتات كبيرة بين الجهات، حيث تسجل خمس مناطق معدلات فقر تفوق المتوسط الوطني، وهي: الجهة الشرقية، درعة تافيلالت، فاس مكناس، بني ملال خنيفرة، وكلميم واد نون. هذه الجهات تعاني من ضعف البنية التحتية وبعدها عن المحور الاقتصادي الرئيسي الممتد بين طنجة والجديدة، مما يحدّ من فرص التنمية والاستثمار.

ضعف البنية التحتية والاستثمار:
لا تزال بعض المناطق تفتقر إلى طرق سريعة ومطارات تسهّل وصول الاستثمارات إليها، مما يزيد من عزلة هذه المناطق ويعمّق الفجوة الاقتصادية بينها وبين المدن الأكثر تطوراً. في هذا السياق، يسعى الميثاق الجديد للاستثمار إلى تقديم حوافز لاستقطاب الاستثمارات نحو الجهات الأقل نمواً، إلا أن تنفيذ هذه السياسات يظل تحدياً قائماً.

التضخم وتأثيره على الأسر المغربية:
مع الارتفاع المستمر للأسعار، بدأت فئات اجتماعية جديدة في الظهور، مثل "الطبقة تحت المتوسطة" و"الطبقة الفقيرة جداً"، نتيجة عوامل متعددة تشمل الاحتكار، المضاربات، وارتفاع معدلات البطالة. وتزامناً مع تزايد معدلات التضخم، يجد المواطنون صعوبة متزايدة في تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يجعل الضغط الاقتصادي على الأسر في منحى تصاعدي مستمر.

الإنفاق الأسري في مواجهة التضخم:
رغم بعض التحسن في مستوى المعيشة، فإن الإنفاق الأسري يواصل الارتفاع بشكل يفوق هذا التحسن، ما يضع الأسر تحت ضغط اقتصادي مستمر. هذا الوضع مرشح للاستمرار، خاصة في ظل تأثر القدرة الشرائية بعوامل خارجية مثل تقلبات الأسواق والظروف المناخية التي تؤثر على الإنتاج الفلاحي.

الإجراءات الحكومية بين الواقع والتحديات:
على الرغم من اتخاذ الدولة إجراءات تهدف إلى التخفيف من آثار التضخم، مثل تخفيض الضريبة على الدخل، رفع الأجور، وتقديم الدعم المباشر، إلا أن هذه التدابير لم تكن كافية لتعويض التدهور الكبير في القدرة الشرائية.


يرى الخبراء أن الحلول طويلة الأمد تكمن في تحقيق توزيع أكثر عدالة للثروة، وتحفيز الاستثمار في القطاعات الواعدة مثل الصناعات الغذائية، الطيران، والنسيج، إضافة إلى تحسين البنية التحتية في الجهات الأقل نمواً. هذه الخطوات قد تساهم في تقليص الفجوة الاقتصادية وتعزيز الاستقرار المالي للأسر المغربية.


يبقى تحقيق توازن اقتصادي بين مختلف جهات المغرب رهيناً بإصلاحات هيكلية تعزز التنمية العادلة، وتحدّ من تأثير التضخم على القدرة الشرائية. ورغم الجهود المبذولة، فإن الوضع الحالي يستدعي المزيد من التدخلات الفعالة لضمان حياة كريمة للمواطنين في مختلف أنحاء البلاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق