مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتزايد التحذيرات في الأوساط المجتمعية حول ما بات يُعرف بـ"القفف المشبوهة"، وهي المساعدات الغذائية التي يتم توزيعها من قبل جهات مختلفة، سواء جمعيات أو أفراد أو أحزاب سياسية، والتي أثارت العديد من التساؤلات بشأن مصادرها وأهدافها الحقيقية.
القفف التي يُفترض أن تكون عملاً خيرياً يستهدف الأسر الفقيرة والمحتاجة، تحوّلت في كثير من الحالات إلى أداة تُستغل لتحقيق مكاسب سياسية أو حتى أهداف غير واضحة، مما دفع نشطاء المجتمع المدني إلى دق ناقوس الخطر والمطالبة بتشديد الرقابة على توزيعها.
في العديد من المناطق، وخاصة في جهات مثل درعة تافيلالت، بدأت دعوات متزايدة للسلطات المحلية من أجل التدخل العاجل لمراقبة هذه المساعدات، والتحقق من مصادر تمويلها وطريقة توزيعها.
ويخشى العديد من المواطنين أن تتحول القفف الرمضانية إلى وسيلة للتأثير على اختيارات الناخبين أو لترسيخ الولاءات السياسية، خاصة في ظل اقتراب استحقاقات انتخابية قد تُستغل فيها هذه المبادرات لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وبحسب نشطاء محليين، فإن بعض الجهات السياسية لا تتوانى عن استغلال الحاجة المتزايدة للأسر المعوزة خلال هذا الشهر الفضيل، حيث يتم توزيع القفف بشروط غير معلنة، قد تشمل تقديم الولاء أو حتى دعم معين خلال فترات الانتخابات.
السلطات المحلية بدورها تجد نفسها في موقف معقد، إذ أنها تسعى من جهة إلى تشجيع الأعمال الخيرية والمساعدات الاجتماعية، لكنها من جهة أخرى مطالبة بضمان شفافية هذه المبادرات ومنع أي استغلال غير أخلاقي لها. وقد أكدت مصادر داخل ولاية درعة تافيلالت أن أي جهة ترغب في توزيع القفف الرمضانية مطالبة بالحصول على ترخيص مسبق، مع تقديم تفاصيل دقيقة حول مصادر التمويل وآليات التوزيع، لضمان عدم وقوع تجاوزات أو استغلال للحاجات الإنسانية.
لكن على الرغم من هذه التدابير، لا تزال هناك مخاوف من استمرار بعض الجهات في توزيع المساعدات بشكل غير منظم أو بعيداً عن أعين المراقبة.
في المقابل، يطالب نشطاء المجتمع المدني بضرورة اتخاذ خطوات أكثر صرامة لضمان نزاهة عمليات التوزيع، بما في ذلك تشكيل لجان مستقلة تراقب هذه المبادرات، وتوثق أي تجاوزات محتملة. كما يطالبون بزيادة الوعي بين المواطنين بعدم الانسياق وراء أي مساعدات مشروطة، والتبليغ عن أي حالات يُشتبه في استغلالها لأغراض غير إنسانية.
من جهة أخرى، يقترح بعض الخبراء أن يتم إشراك الجهات الرسمية والجمعيات الخيرية ذات المصداقية في عمليات التوزيع، بحيث تتم المساعدات بشكل أكثر شفافية وعبر قنوات موثوقة لا يمكن استغلالها لمآرب سياسية أو شخصية.
وفي ظل تزايد هذه التحذيرات، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الجهات المعنية من ضبط عمليات توزيع القفف الرمضانية وضمان وصولها إلى مستحقيها الفعليين دون استغلال؟ أم أن هذه الظاهرة ستتكرر ككل عام، وسط تزايد الشكوك حول مدى نزاهة بعض المبادرات التي ترفع شعار العمل الخيري، لكنها قد تخفي وراءها أهدافاً أخرى؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق