النائبة نادية تهامي تطالب لفتيت والمنصوري بإنصاف المتضررين من عمليات الهدم بالرباط

صورة جوية لأحد أحياء الرباط تظهر آثار عمليات الهدم وتوسيع الشوارع ضمن مشاريع إعادة التأهيل الحضري. تبرز في الصورة بقايا المباني المهدمة إلى جانب مساحات مفتوحة جديدة، مع وجود معدات بناء ثقيلة تعمل في الموقع، وسط نقاش حاد حول حقوق السكان المتضررين والشفافية القانونية للإجراءات.


تقدمت النائبة عن فريق التقدم والاشتراكية، نادية تهامي، بسؤالين كتابيين موجهين إلى كل من وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري، لتسليط الضوء على قضية عمليات الهدم وتوسيع الشوارع التي شهدتها أحياء العاصمة المغربية الرباط مؤخرًا. وتأتي هذه الخطوة وسط مخاوف متزايدة من تأثير هذه العمليات على السكان، في ظل مشاريع إعادة تأهيل حضري تهدف إلى تحويل الرباط إلى "مدينة بمواصفات عالمية".

خلفية القضية


تشهد العاصمة المغربية في الآونة الأخيرة سلسلة من عمليات الهدم التي طالت أحياء ذات طابع رمزي وتاريخي، ضمن خطة تهيئة حضرية طموحة تسعى السلطات من خلالها إلى تعزيز جاذبية المدينة وتحسين بنيتها التحتية. ورغم الإشادة الرسمية بأهداف هذه المشاريع، فإنها أثارت جدلاً واسعًا بسبب ما وصف بـ"الغموض" المحيط بتنفيذها، وما ترتب عنها من تهجير للسكان وتأثير على حياتهم اليومية.

تساؤلات برلمانية حول القانونية والشفافية


في سؤاليها الكتابيين، اللذين حصلت "صوت المغرب" على نسختين منهما، طرحت النائبة تهامي مجموعة من النقاط الحرجة. أولاها يتعلق بمدى التزام السلطات بالتشريعات والقوانين الجاري بها العمل أثناء تنفيذ عمليات الهدم والإفراغ. وتساءلت عن وضوح الغايات النهائية لهذه الإجراءات، مشيرة إلى أن هناك شكوكًا حول الشفافية القانونية لنقل الملكيات والتعامل مع السكان.

كما ركزت تهامي على غياب التواصل الفعّال مع الساكنة، مشيرة إلى أن عمليات الترحيل تمت في بعض الحالات بشكل "مباغت"، دون حوار مسبق أو تفاهم يضمن قبول المتضررين للحلول المقترحة. وقالت إن هذا الأسلوب يثير استياءً واسعًا بين السكان، رغم تأكيدها على دعمهم المبدئي لجهود إعادة التأهيل التي تقودها السلطات العمومية.

التعويضات والبدائل: دعوة إلى العدالة والإنصاف


من أبرز المطالب التي تضمنتها الأسئلة الكتابية، ضرورة تقديم تعويضات "عادلة ومنصفة" للمتضررين، سواء كانوا ملاكًا أو مكترين أو أصحاب محلات تجارية. وأكدت تهامي أن هذه التعويضات يجب أن تحظى برضى السكان، بعيدًا عن أي منطق يعتمد على "الإذعان والإرغام".

كما دعت إلى توفير بدائل سكنية مناسبة تلبي احتياجات جميع الفئات المتأثرة، مع مراعاة التنوع الاجتماعي والاقتصادي لهؤلاء السكان.

وشددت النائبة على ضرورة أن تشمل الحلول جميع المتضررين دون إقصاء أو تمييز، مع إيلاء كل فئة معالجة خاصة تتناسب مع وضعيتها، بهدف تفادي أي "مأساة إنسانية" أو "احتقان اجتماعي" قد ينتج عن سوء التدبير.

توازن بين التنمية وحقوق المواطنين


ورغم إشادتها بـ"الروح الإيجابية والحس المواطناتي العالي" الذي أبداه السكان المتضررون، أعربت تهامي عن قلقها من عدم توافر الشروط الملائمة قبل الشروع في عمليات الهدم. ودعت إلى ضرورة تحقيق توازن دقيق بين متطلبات التنمية الحضرية وحماية الحقوق الاجتماعية والثقافية للمواطنين، خاصة في الأحياء التي تحمل قيمة رمزية كبيرة بالنسبة للعاصمة.

اختتمت النائبة البرلمانية سؤاليها بدعوة صريحة إلى الحكومة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتصحيح الاختلالات المسجلة في تدبير هذه العمليات. وأكدت على أهمية "الإشراك الحقيقي للساكنة" في صنع القرار، معتبرة أن ذلك هو السبيل الأمثل لضمان نجاح مشاريع التأهيل دون المساس بكرامة المواطنين أو استقرارهم.

لم يصدر بعد أي تعليق رسمي من وزارتي الداخلية أو التعمير حول هذه الأسئلة، لكن من المتوقع أن تثير هذه المبادرة البرلمانية نقاشًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، خاصة مع اقتراب موعد الرد الرسمي من الوزيرين. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الحكومة من الاستجابة لهذه المطالب بما يرضي السكان ويحقق أهداف التنمية في آن واحد؟

تكشف هذه القضية عن التحديات الكبيرة التي تواجهها المدن المغربية في سعيها للتحديث والتطور، وتبرز في الوقت ذاته أهمية إشراك المواطنين كشركاء أساسيين في هذه العملية. ومع تصاعد الأصوات المنادية بالعدالة والشفافية، تبقى الأنظار متجهة نحو الحكومة لمعرفة كيفية تعاملها مع هذا الملف الحساس في الأيام المقبلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق