
في تطور لافت يعكس قوة الاقتصاد السمكي المغربي، كشفت بيانات حديثة أن المغرب نجح في تصدير مأكولات بحرية بقيمة تزيد عن 112 مليون يورو إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال شهر يناير 2025 وحده. هذا الإنجاز وضع المملكة في المرتبة الرابعة ضمن قائمة أكبر موردي المنتجات البحرية إلى السوق الأوروبية، متفوقًا على دول كبرى ومتأخرًا فقط عن النرويج والصين وآيسلندا، وفقًا لإحصاءات دقيقة نقلتها وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" عن معهد الإحصاء الأوروبي.
تظهر الأرقام أن النرويج حافظت على صدارتها كأكبر مصدر للمأكولات البحرية إلى أوروبا، حيث بلغت قيمة صادراتها أكثر من 613 مليون يورو في يناير الماضي. وجاءت الصين في المركز الثاني بـ135 مليون يورو، تلتها آيسلندا بـ116 مليون يورو. فيما احتلت المملكة المتحدة المرتبة الخامسة بصادرات تجاوزت 100 مليون يورو. لكن المفاجأة كانت من نصيب روسيا، التي شهدت زيادة ملحوظة في صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة تزيد عن 150% مقارنة بالعام الماضي، حيث وصلت قيمتها إلى أكثر من 51 مليون يورو، مع ارتفاع شهري بنسبة 8%.
يعود نجاح المغرب في هذا القطاع إلى تنوع منتجاته البحرية وجودتها العالية، لا سيما أسماك السردين التي يهيمن عليها المغرب في السوق الأوروبية. ووفقًا لتقارير سابقة صادرة عن البرلمان الأوروبي، فإن المملكة تستحوذ على حوالي 93% من إجمالي واردات السردين إلى دول الاتحاد الأوروبي. في عام 2022، بلغت قيمة صادرات السردين المغربي إلى أوروبا 182 مليون يورو، مما يعزز مكانة المغرب كثالث أكبر مصدر للأسماك إلى الاتحاد الأوروبي في ذلك العام، بإجمالي صادرات تجاوزت 1.6 مليار يورو.
من جانبها، تسعى روسيا إلى تعزيز حصتها في السوق العالمية للمأكولات البحرية. وأشار إيليا شستاكوف، رئيس وكالة مصائد الأسماك الروسية، إلى أن إجمالي صادرات بلاده من الأسماك بلغ حوالي مليوني طن في العام الماضي، رغم انخفاضه بـ600 ألف طن مقارنة بـ2023. ويتوقع شستاكوف أن تحقق صادرات 2025 عائدات تصل إلى 5.7 مليارات دولار أمريكي، مدفوعة بزيادة الطلب الأوروبي.
على المستوى الأوروبي، أظهرت بيانات شبه رسمية أن الاتحاد الأوروبي استورد "سمك الفيليه" بقيمة تزيد عن 30 مليون يورو في يناير 2025، إلى جانب 15 مليون يورو من الأسماك المجمدة، و4.6 ملايين يورو من الأسماك المجففة أو المملحة أو المدخنة. هذه الأرقام تعكس الاعتماد المتزايد للأسواق الأوروبية على المنتجات البحرية المستوردة لتلبية احتياجات المستهلكين.
يؤكد هذا الإنجاز الجديد مكانة المغرب كلاعب رئيسي في سوق المأكولات البحرية العالمية، ويعزز من دوره كشريك اقتصادي موثوق للاتحاد الأوروبي. ومع استمرار الطلب الأوروبي على المنتجات السمكية، تتجه الأنظار نحو السياسات المغربية لتطوير هذا القطاع الحيوي، الذي يشكل رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني ومصدرًا لتشغيل الآلاف من العاملين في مجال الصيد البحري.
مع هذه الأرقام المشجعة، يبدو أن المغرب ماضٍ في تعزيز حضوره الاقتصادي على الساحة الدولية، مستفيدًا من ثرواته البحرية وموقعه الاستراتيجي. وفي ظل المنافسة المتزايدة مع دول مثل النرويج وروسيا، يظل السؤال: هل سيتمكن المغرب من الصعود إلى مراكز أعلى في قائمة الموردين خلال السنوات القادمة؟ الإجابة قد تكمن في الأشهر المقبلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق