تراجع المغرب في "مؤشر السعادة العالمي" لعام 2025 يثير الجدل حول أداء الحكومة

تراجع المغرب في "مؤشر السعادة العالمي" لعام 2025 يثير الجدل حول أداء الحكومة
كشف تقرير "مؤشر السعادة العالمي" لعام 2025، الصادر عن مركز أبحاث الرفاهية في جامعة أكسفورد بالشراكة مع مؤسسة "غالوب" وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، عن تراجع المغرب إلى المرتبة 112 عالميًا من أصل 143 دولة، مسجلاً أدنى تصنيف له منذ انطلاق التقرير في 2012. 


هذا التراجع، الذي جاء بخمس درجات عن العام الماضي (المركز 107)، أثار تساؤلات حول فعالية السياسات الحكومية بقيادة رئيس الوزراء عزيز أخنوش في تحسين جودة الحياة ومعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

ويعتمد المؤشر على معايير دقيقة لقياس الرفاهية، تشمل الناتج المحلي الإجمالي للفرد، الدعم الاجتماعي، متوسط العمر الصحي المتوقع، الحريات الفردية، مستوى الفساد، والرضا العام عن الحياة.

وحصل المغرب هذا العام على 4.622 نقطة، وهو ما يعكس تدهورًا ملحوظًا مقارنة بـ 4.795 نقطة في 2024، وفقًا للتقرير الذي نُشر يوم الخميس الماضي، 20 مارس 2025.

تشير المعطيات إلى أن المغرب يواجه صعوبات كبيرة في عدة مؤشرات رئيسية. فالناتج المحلي للفرد لا يزال منخفضًا مقارنة بالدول المتقدمة، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين وسط ارتفاع معدلات التضخم وأسعار السلع الأساسية.

ووفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، انتقل أكثر من ثلاثة ملايين مواطن إلى وضعية الفقر أو الهشاشة منذ جائحة كوفيد-19، مع تدهور مستوى المعيشة لدى 80% من الأسر خلال 2022.

على صعيد آخر، يعاني القطاع الصحي من نقص في التمويل والموارد البشرية، خاصة في المناطق الريفية التي تفتقر إلى بنية تحتية كافية. كما أن تركز الاستثمارات العمومية في مدن كبرى مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة، على حساب الجهات الأخرى، عزز الفوارق المجالية، وهو ما أضعف من فعالية سياسة "الجهوية المتقدمة" التي كانت تهدف إلى تحقيق التنمية المتوازنة.

يبقى الفساد أحد أبرز العوائق أمام تحسين الرفاهية في المغرب. ورغم وجود إطار قانوني لمكافحته، يرى مراقبون أن غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمحاسبة المسؤولين الكبار يفاقم الأزمة. في هذا السياق، يشير الناشط الحقوقي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى أن "ضعف تفعيل القوانين وتركز المتابعات على مستويات إدارية متوسطة دون المساس بالنافذين يعزز فقدان الثقة في المؤسسات".

علق الباحث في علم الاجتماع عبد السلام الوديع على التراجع قائلاً: "هذا المؤشر يعكس تحديات كبيرة في الرفاهية، لكن المغرب لا يزال في منتصف الترتيب عالميًا، مما يعني أن الوضع ليس الأسوأ". وأضاف في تصريح لصحيفة "مدار 21" أن "تحسين التعليم، الصحة، والفرص الاقتصادية يمكن أن يعكس هذا الاتجاه مستقبلاً، لكن ذلك يتطلب سياسات أكثر فعالية".

على المستوى الإقليمي، تفوقت الجزائر على المغرب باحتلالها المركز 86، بينما جاءت تونس في المرتبة 113، وموريتانيا 114. وعالميًا، حافظت فنلندا على صدارتها للعام الثامن على التوالي، فيما تذيلت أفغانستان القائمة.

يدعو محللون إلى إصلاحات عاجلة تشمل تعزيز الشفافية، تحسين الخدمات العامة، وتقليص الفجوات الاجتماعية والمجالية. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الحكومة الحالية من استعادة ثقة المواطنين وتحسين ترتيب المغرب في السنوات القادمة، أم أن هذا التراجع سيظل شاهدًا على تحديات أعمق؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق