صندوق النقد الدولي يصادق على تمويل المغرب بـ496 مليون دولار

صورة لشعار صندوق النقد الدولي، يتميز بحلقة دائرية تحيط بخريطة العالم المبسطة، مع كلمة "International Monetary Fund" باللغة الإنجليزية وترجمتها إلى الفرنسية "Fonds Monétaire International"، يرمز الشعار إلى التعاون الاقتصادي الدولي والدعم المالي للدول الأعضاء، كما في حالة التمويل الأخير المقدم للمغرب بقيمة 496 مليون دولار.

في خطوة تعكس ثقة المؤسسات المالية الدولية بالاقتصاد المغربي، وافق مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء 18 مارس 2025، على منح المغرب مبلغ 496 مليون دولار (ما يعادل حوالي 4.9 مليار درهم مغربي) كجزء من الدفعة الثالثة لبرنامج "آلية الصلابة والاستدامة".

وبحسب بيان رسمي أصدره الصندوق من مقره بواشنطن، يرتفع بذلك إجمالي التمويل المقدم لهذا البرنامج إلى نحو 1.24 مليار دولار، مما يعزز قدرة المغرب على مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية.

أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد المغربي واصل إظهار مرونة ملحوظة في مواجهة الصدمات الخارجية، لا سيما موجة الجفاف التي ضربت البلاد للسنة الثانية على التوالي. وعلى الرغم من هذه الظروف المناخية القاسية، لم يتراجع النمو الاقتصادي إلا بشكل طفيف، حيث بلغ 3.2% في 2024 مقارنة بـ3.4% في 2023، مدعومًا بالطلب الداخلي القوي.

وفي تصريح لنائب المديرة العامة للصندوق ورئيس مجلسه التنفيذي بالنيابة، كينجي أوكامورا، أشاد بالسياسات والأطر الاقتصادية المغربية، معتبرًا أنها "تشهد على قوة البلاد في مواجهة الصدمات السلبية".

وتوقع الصندوق أن يتسارع نمو الناتج الداخلي الخام للمغرب ليصل إلى حوالي 3.7% خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بدورة جديدة من مشاريع البنية التحتية الكبرى واستمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. ويُنظر إلى هذه الإصلاحات على أنها حجر الزاوية لتعزيز النمو الاقتصادي، وجعله أكثر استدامة وقدرة على خلق فرص العمل وتحقيق الشمولية.

رغم هذا التفاؤل، لم يخفِ البيان التحديات التي تواجهها المملكة. فقد تفاقم العجز الجاري بشكل طفيف في 2024، فيما ظل معدل البطالة مرتفعًا عند 13%، وهو ما يُعزى أساسًا إلى فقدان الوظائف في القطاع الفلاحي المتضرر من الجفاف.

ومع ذلك، سجلت مؤشرات أخرى تحسنًا ملحوظًا، حيث تراجع التضخم خلال العام الماضي بفضل تخفيف صدمات العرض، مما دفع بنك المغرب إلى خفض سعر الفائدة الرئيسي مرتين في يونيو وديسمبر 2024. كما حافظ سعر الدرهم على استقراره ضمن نطاق تقلب يتراوح بـ5%، وهو ما يعكس مرونة السياسة النقدية.

من جانب المالية العامة، فاق تحسن عجز الميزانية التوقعات، حيث انخفض إلى 4.1% من الناتج الداخلي الخام في 2024، أي أقل بنحو 0.2% عما كان متوقعًا. ويعود هذا التحسن، بحسب الصندوق، إلى ارتفاع المداخيل الجبائية بوتيرة فاقت التوقعات، مما عوّض الزيادة في الإنفاق العام. وفي هذا السياق، أشار البيان إلى أن إصلاح قانون المالية الأساسي سيُدرج قاعدة ميزانياتية جديدة لضبط مسار الاستدانة على المدى المتوسط.

لم يقتصر التقرير على الجوانب الاقتصادية فقط، بل سلط الضوء على التقدم المحرز في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. فقد تم اتخاذ تدابير جديدة لإعادة هيكلة المقاولات العمومية، وتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وتنفيذ الميثاق الجديد للاستثمار، وهي خطوات تهدف إلى تعزيز جاذبية المغرب كوجهة استثمارية.

على صعيد الاستدامة، أشاد صندوق النقد بالجهود المغربية لتعزيز صمودها في مواجهة التغير المناخي. وشملت التدابير التي تم تنفيذها في إطار المراجعة الثالثة للاتفاق حماية أفضل للموارد المائية الجوفية، ووضع الأسس لتعديل تعرفة المياه، وتحسين الإطار التنظيمي لسوق الكهرباء لتشجيع إنتاج الطاقة المتجددة من القطاع الخاص، فضلاً عن تعزيز قدرة الأنظمة المالية على مواجهة المخاطر المناخية.

يأتي هذا التمويل كتأكيد على الشراكة القوية بين المغرب وصندوق النقد الدولي، ويعكس التزام المملكة بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية والبيئية. ومع توقعات بنمو أقوى في السنوات القادمة، يبدو أن المغرب يسير على الطريق الصحيح لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام، رغم التحديات المستمرة مثل البطالة والجفاف.

المصدر الأساسي لهذا الخبر هو البيان الرسمي لصندوق النقد الدولي الصادر يوم 18 مارس 2025، والذي يقدم تقييمًا شاملاً للوضع الاقتصادي المغربي والتزاماته في إطار برنامج "الصلابة والاستدامة". ومع استمرار هذا الدعم الدولي، تتجه الأنظار نحو كيفية استثمار هذه الموارد لتحقيق طموحات المغرب التنموية في المستقبل القريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق