![]() |
زيادة تمويل بنسبة 56% مقارنة بـ2023 تؤكد الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي |
في خطوة تعكس تسارع التعاون الاقتصادي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أعلن البنك الأوروبي للاستثمار (EIB) عن تخصيص تمويل بقيمة 500 مليون أورو لدعم المملكة خلال عام 2024. هذا الدعم، الذي يمثل زيادة ملحوظة بنسبة 56% مقارنة بـ320 مليون أورو قدمها البنك في 2023، يهدف إلى تسريع وتيرة التنمية المستدامة في المغرب من خلال مشاريع استراتيجية تشمل البنية التحتية، الطاقات المتجددة، النقل المستدام، والمقاولات الصغرى والمتوسطة. ويأتي الإعلان في وقت يواصل فيه المغرب تعزيز مكانته كمركز إقليمي للنمو الاقتصادي الأخضر.
تمويل متعدد الأوجه لدعم القطاعات الحيوية
يُعد هذا التمويل الجديد جزءًا من رؤية شاملة لتعزيز المرونة الاقتصادية في المغرب، حيث يُتوقع أن يُوجه لدعم مجموعة واسعة من المشاريع ذات الأولوية. ومن بين القطاعات المستهدفة، تبرز البنية التحتية كمحور أساسي، مع احتمال تخصيص جزء من الأموال لاستكمال جهود إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من زلزال الحوز الذي ضرب المملكة في سبتمبر 2023.
كما يشمل التمويل دعم مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، وهي مجالات تتماشى مع استراتيجية المغرب للتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
وفي سياق متصل، قد يمتد الدعم إلى تعزيز النقل المستدام، بما في ذلك تطوير وسائل نقل صديقة للبيئة، إلى جانب توفير تمويلات ميسرة للمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تُعتبر عصب الاقتصاد المغربي. وتشير تقارير إلى أن جزءًا من هذه الأموال قد يُخصص لدعم صندوق محمد السادس للاستثمار (FM6I)، وهو صندوق سيادي يركز على تمويل مشاريع البنية التحتية الخضراء والابتكار، مما يعزز قدرة المغرب على جذب الاستثمارات الخاصة.
شراكة طويلة الأمد تتجاوز 10 مليارات أورو
لا يأتي هذا التمويل كحدث منفصل، بل كجزء من شراكة ممتدة بين البنك الأوروبي للاستثمار والمغرب بدأت منذ أكثر من أربعة عقود. فقد تجاوزت استثمارات البنك في المملكة 10 مليارات أورو، موجهة لدعم مشاريع تنموية كبرى في قطاعات متعددة.
وفي السنوات الأخيرة، كثّف البنك تعاونه مع المغرب، خاصة بعد زلزال الحوز، حيث تعهد في أكتوبر 2023 بتقديم مليار أورو على مدى ثلاث سنوات لإعادة الإعمار وتعزيز البنية التحتية المقاومة للكوارث الطبيعية. وقد تم توقيع اتفاقية بقيمة 500 مليون أورو في أكتوبر 2024 كجزء من هذا التعهد، مما يجعل التمويل الجديد استمرارًا لهذا الالتزام.
ويُبرز هذا الدعم المتزايد الأهمية الاستراتيجية للمغرب بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حيث يُعتبر البنك الأوروبي للاستثمار "بنك الاتحاد الأوروبي"، ويتماشى هذا التمويل مع "الأجندة المتوسطية" التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في منطقة جنوب المتوسط. وفي هذا السياق، يُنظر إلى المغرب كشريك موثوق يجمع بين الاستقرار السياسي والطموح الاقتصادي.
تأثيرات متوقعة على الاقتصاد والمجتمع
من المتوقع أن يترك هذا التمويل بصمة واضحة على الاقتصاد المغربي والمجتمع. فعلى الصعيد الاقتصادي، سيعمل على تعزيز النمو المستدام من خلال دعم القطاع الخاص، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تُشكل أكثر من 90% من النسيج الاقتصادي في المملكة. كما سيساهم في تسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وهو هدف رئيسي للمغرب الذي يطمح لأن يصبح رائدًا إقليميًا في الطاقة النظيفة.
أما على الصعيد الاجتماعي، فإن المشاريع المدعومة بهذا التمويل قد تُترجم إلى خلق آلاف فرص العمل الجديدة. فعلى سبيل المثال، أظهر مشروع "تكنوبوليس المغرب الثاني"، الذي حصل على تمويل بقيمة 115 مليون أورو في فبراير 2024، قدرة على توفير 51,500 وظيفة من خلال إنشاء مناطق صناعية خالية من الكربون. وبالمثل، يُتوقع أن تُحسن المشاريع الممولة الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، خاصة في المناطق الريفية والمتضررة من الكوارث.
من الناحية البيئية، يتماشى التمويل مع التزام المغرب بخفض الانبعاثات الكربونية، حيث يُركز على مشاريع مثل الغابات المستدامة (100 مليون أورو في ديسمبر 2023) والطاقة المتجددة، مما يعزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في مواجهة التغيرات المناخية.
مع هذا الدعم البالغ 500 مليون أورو، يواصل المغرب تعزيز مكانته كمركز للتنمية المستدامة في إفريقيا والمنطقة المتوسطية، بدعم من البنك الأوروبي للاستثمار. وفيما تبقى التفاصيل الدقيقة حول توزيع هذه الأموال قيد الترقب، تشير الزيادة الكبيرة في التمويل إلى ثقة متجددة في قدرة المغرب على تحقيق طموحاته التنموية. ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: كيف ستُترجم هذه الأموال إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع خلال الأشهر المقبلة؟
للحصول على آخر التطورات حول هذا الخبر، يُنصح بمتابعة الإعلانات الرسمية من البنك الأوروبي للاستثمار (eib.org) ووكالة الأنباء المغربية (MAP).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق