صورة تعبيرية تُظهر خاتم زفاف باهتًا يتلاشى في الخلفية، يرمز إلى انخفاض زواج القاصرات، بينما يبرز كتاب مفتوح وقرطاسية مدرسية في المقدمة كدليل على تقدم التعليم. سهم أخضر يعكس التطورات الإيجابية التي كشف عنها تقرير النيابة العامة لعام 2023 في الرباط، مع لمسة من الفسيفساء المغربية لتعزيز الهوية المحلية

أصدرت رئاسة النيابة العامة تقريرها السنوي لعام 2023، وكشفت فيه عن معطيات إحصائية جديدة تُظهر انخفاضًا ملحوظًا في طلبات زواج القاصرات، مع استمرار الجهود للحد من ظاهرة الهدر المدرسي، في خطوة تعكس التزام الجهات القضائية بتعزيز حماية الأطفال في المغرب.

وفقًا للتقرير، سجلت طلبات الإذن بزواج القاصرات تراجعًا واضحًا خلال 2023، حيث بلغ عددها 15,319 طلبًا، مقارنة بـ19,848 طلبًا في العام السابق 2022. وقد استجابت الهيئات القضائية لـ8,624 طلبًا فقط، فيما رفضت 6,407 طلبات، بنسبة استجابة بلغت 56%.

هذا التوجه يعكس رؤية النيابة العامة التي تؤكد أن زواج القاصرات يجب أن يظل استثناءً، حيث تقدمت بـ12,596 ملتمسًا لرفض الإذن من أصل 15,075 ملتمسًا نهائيًا، أي بنسبة 14% من إجمالي الملتمسات.

وفي تعليق حصري لـ"وكالة الأنباء المستقبلية"، أكد مصدر قضائي أن "هذا الانخفاض يعبر عن وعي متزايد بمخاطر زواج القاصرات، مع التزام أكبر بتطبيق القانون بما يضمن حماية الفتيات من الزواج المبكر".

على صعيد آخر، رصد التقرير 18,557 إشعارًا عن حالات الهدر المدرسي للإناث، و24,664 للذكور خلال 2023. وبفضل الجهود المشتركة بين النيابات العامة والجهات المعنية، تم إعادة 19,131 طفلًا و9,735 طفلة إلى مقاعد الدراسة، في نتيجة وصفها التقرير بـ"الإيجابية جدًا". كما تقدمت النيابات بـ1,323 طلبًا لتسجيل الذكور و1,048 للإناث في سجلات الحالة المدنية، لضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية.

لكن التقرير لم يخلُ من الإشارة إلى تحديات مستمرة، خاصة في ظل رصد حالات عنف ضد الأطفال. فقد سجلت 595 حالة عنف ضد الذكور و456 ضد الإناث في الأسر، إلى جانب 529 حالة ضد الذكور و350 ضد الإناث في الوسط المدرسي. ويرى مراقبون أن هذه الأرقام تؤكد الحاجة إلى تعزيز آليات الحماية داخل الأسر والمدارس.

يأتي هذا التقرير في سياق الجدل الدائر حول تعديل مدونة الأسرة بالمغرب، حيث يطالب نشطاء بإلغاء الاستثناءات التي تسمح بزواج القاصرات. وفي تصريح خاص، قالت الناشطة الحقوقية فاطمة الزهراء: "الانخفاض في الطلبات خطوة مشجعة، لكننا بحاجة إلى إصلاحات جذرية لضمان عدم استمرار هذه الممارسة تحت أي ذريعة".
من جانبها، تؤكد النيابة العامة أن جهودها مستمرة بالتعاون مع السلطات التعليمية والاجتماعية للحد من الهدر المدرسي ومواجهة العنف ضد الأطفال، مع السعي لتحقيق توازن بين تطبيق القانون وحماية حقوق الطفولة.

يبقى تقرير 2023 شاهدًا على تطورات إيجابية في معالجة قضايا زواج القاصرات والهدر المدرسي، لكنه يذكرنا في الوقت ذاته بأن التحديات لا تزال قائمة. فهل ستكون هذه الأرقام بداية لتحول أعمق في حماية الأطفال بالمغرب؟ الإجابة مرهونة بالخطوات المقبلة للمشرع والمجتمع على حد سواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق