المغرب يطلق ثورة خضراء بمشروعات هيدروجين بـ32.5 مليار دولار

مشهد مستقبلي في صحراء المغرب تحت سماء زرقاء صافية، يضم توربينات رياح حديثة تدور بجانب ألواح شمسية لامعة تمتد عبر الأفق. في المقدمة، منشأة صناعية أنيقة تنتج الأمونيا الخضراء مع أنابيب خضراء متوهجة ترمز للهيدروجين الأخضر. الخلفية تظهر جبال الأطلس البعيدة ولمسة من النخيل، مع شعاع ضوئي يعكس الاستدامة والطاقة النظيفة، بألوان دافئة (ذهبي، أخضر، أزرق) تجمع بين الابتكار والطبيعة.


في خطوة طموحة نحو تعزيز مكانته في سوق الطاقة النظيفة، وافقت لجنة حكومية مغربية، برئاسة عزيز أخنوش، يوم الخميس 6 مارس 2025، على ستة مشروعات للهيدروجين الأخضر بقيمة إجمالية 319 مليار درهم (32.5 مليار دولار). تهدف المشروعات، التي ستُنفذ بالتعاون مع شركات عالمية ومحلية في الأقاليم الجنوبية، إلى إنتاج الأمونيا الخضراء، الوقود الصناعي، والصلب المستدام، مستفيدة من موارد الطاقة المتجددة الوفيرة بالمملكة.

أعلن مكتب رئيس الوزراء المغربي عن اختيار خمسة تحالفات وشركات لتنفيذ المشروعات. وتشمل القائمة تحالف "ORNX" (أورتوس الأمريكية، أكسيونا الإسبانية، نوردكس الألمانية) لإنتاج الأمونيا الخضراء، وتحالف "طاقة الإماراتية وسيبسا الإسبانية" لإنتاج الأمونيا والوقود الصناعي. كما ستتولى "ناريفا" المغربية مشروعًا متعدد الأوجه يشمل الأمونيا، الوقود، والصلب الأخضر، بينما ستركز "أكوا باور" السعودية على الأمونيا، ويتعاون تحالف "يو.إي.جي وتشاينا ثري جورجز" الصيني على إنتاج الأمونيا أيضًا. ولم يكشف البيان عن مواعيد نهائية أو مصادر تمويل دقيقة حتى الآن.

ستُخصص الحكومة المغربية ما يصل إلى 30 ألف هكتار لكل مشروع في الأقاليم الجنوبية، وهي مناطق تتميز بإشعاع شمسي مرتفع وسرعات رياح قوية، مما يجعلها مثالية لتوليد الطاقة المتجددة اللازمة للتحليل الكهربائي. وتأتي هذه المشروعات كجزء من خطة أوسع أُعلن عنها في مارس 2024، خُصصت فيها 300 ألف هكتار كمرحلة أولى، مع طموح للوصول إلى مليون هكتار على المدى الطويل لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الهيدروجين الأخضر.

يسعى المغرب من خلال هذه المشروعات إلى تحقيق هدفين رئيسيين: تلبية احتياجات الطاقة المحلية المستدامة، وتعزيز الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة الأمونيا الخضراء للأسمدة والوقود الصناعي. وتتماشى هذه الخطوة مع خطة المغرب لرفع حصة الطاقة المتجددة إلى 52% من الطاقة المركبة بحلول 2030، مقارنة بـ45% حاليًا، مع طموح أكبر للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050. كما يُعد إنتاج الصلب الأخضر خطوة مبتكرة لتقليل الانبعاثات في الصناعات الثقيلة. رغم الطموح الكبير، لم تُعلن الحكومة بعد عن مصادر التمويل أو الجداول الزمنية الدقيقة للمشروعات، مما يترك مجالًا للتكهن حول التحديات المالية واللوجستية. ومن المتوقع أن تستغرق المفاوضات مع المستثمرين أشهرًا لتحديد تفاصيل التنفيذ، مع احتمال بدء المرحلة الأولى لتوليد الطاقة المتجددة بين 2026 و2027. ويبقى نجاح المشروعات مرهونًا باستقطاب استثمارات إضافية والاستفادة من الطلب الأوروبي المتزايد.
يمثل قرار المغرب إطلاق هذه المشروعات نقطة تحول في مسيرته نحو الريادة في مجال الطاقة الخضراء، معززًا موقعه كشريك استراتيجي لأوروبا في مواجهة تغير المناخ. ومع استمرار التعاون مع كبرى الشركات العالمية، قد يصبح المغرب نموذجًا للدول النامية في استغلال الموارد المتجددة لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق