
في خطوة تهدف إلى الحفاظ على الثروة الحيوانية ومواجهة التحديات المتفاقمة التي يواجهها قطاع تربية الماشية، أصدرت وزارتا الداخلية والفلاحة والصيد البحري في المغرب دورية مشتركة تقضي بمنع ذبح إناث الأغنام والماعز اعتبارًا من الأربعاء 19 مارس 2025 وحتى نهاية مارس 2026.
ويأتي هذا القرار في إطار استراتيجية وطنية لإعادة هيكلة القطيع الوطني وتدبير برامج تكوينه بشكل عقلاني، وسط مخاوف من انهيار النشاط الرعوي بسبب الجفاف المتكرر وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وجهت الدورية المشتركة إلى الولاة وعمال العمالات والأقاليم، إلى جانب المدير العام للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والمديرين الجهويين والإقليميين للفلاحة، حيث شددت على ضرورة التطبيق الصارم لهذا الحظر.
وينص القرار على منع ذبح إناث الأغنام والماعز في المجازر الوطنية، مع استثناءات محددة تشمل الإناث غير المنتجة لأسباب صحية أو حيوانية (مثل تلك التي تجاوزت ثمانية أسنان بديلة)، والإناث المستوردة الموجهة للتسمين أو الذبح.
وأوضحت الدورية أن خطة عمل مشتركة تم وضعها لضمان الالتزام بهذا القرار، تشمل حظر دخول الإناث إلى المجازر، إلى جانب حملات توعية تستهدف الفاعلين في قطاع اللحوم الحمراء، وخاصة الجزارين. كما كلفت السلطات المحلية والجماعات الترابية بمسؤولية إشعار الجزارين بهذا الحظر، بالتنسيق مع المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
بررت الوزارتان هذا الإجراء بالوضعية الحرجة التي يمر بها القطيع الوطني، حيث أدى تعاقب سنوات الجفاف إلى تراجع أعداد الأغنام والماعز بنسبة 38% مقارنة بعام 2016، مع تدني إنتاجيتها نتيجة نقص الموارد المائية والمراعي. وأشارت الدورية إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية وتكاليف السوق دفع العديد من المربين إلى التخلص من إناثهم المنتجة عبر ذبحها، مما يشكل تهديدًا طويل الأمد لاستدامة القطيع.
وفي هذا السياق، أكدت الوزارتان أن استمرار هذا النهج قد يعرض نشاط تربية الماشية للخطر، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا للحفاظ على المخزون الحيواني وضمان استقرار إنتاج اللحوم الحمراء في المستقبل.
رغم الحظر الصارم، أتاحت الدورية استثناءات مدروسة لضمان عدم تعطيل احتياجات السوق بشكل كامل. فبالإضافة إلى السماح بذبح الإناث غير المنتجة لأسباب صحية أو عمرية، يُسمح أيضًا باستيراد الإناث الموجهة للتسمين أو الذبح، مما قد يفتح الباب أمام تعزيز الواردات كحل مؤقت لتغطية الطلب المحلي على اللحوم خلال فترة الحظر.
يثير القرار تساؤلات حول تأثيراته على أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق المغربية، خاصة مع اقتراب مواسم الذروة مثل عيد الأضحى. كما قد يواجه المربون صعوبات إضافية في ظل غياب دعم مباشر لتغطية تكاليف الإبقاء على الإناث المنتجة دون الاستفادة منها اقتصاديًا خلال هذه الفترة. ومع ذلك، يرى مراقبون أن نجاح هذه الخطة يعتمد على مدى قدرة الحكومة على توفير بدائل، مثل دعم الأعلاف أو تعزيز برامج الإنتاج الحيواني.
اختتمت الدورية المشتركة بالتأكيد على الأهمية القصوى لتنفيذ هذا القرار، داعية مختلف الجهات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها كل في نطاق اختصاصها. ومن المقرر أن يستمر العمل بهذا الحظر لمدة عام كامل، مع إمكانية تقييم النتائج واتخاذ قرارات لاحقة بناءً على تطور الوضع.
يُعد هذا القرار خطوة جريئة نحو حماية الثروة الحيوانية في المغرب، لكنه يضع السلطات أمام اختبار حقيقي لضمان التوازن بين حماية القطيع وتلبية احتياجات السوق. ومع دخول الحظر حيز التنفيذ، تتجه الأنظار نحو كيفية تنفيذ هذه الاستراتيجية وتأثيرها على المربين والمستهلكين على حد سواء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق