في تطور جديد لقضية أثارت جدلاً واسعاً، تقدمت هيئة دفاع ثلاثة شبان من مدينة زاوية الشيخ، نواحي بني ملال، يوم الجمعة 6 أبريل 2025، باستئناف حكم صادر عن المحكمة الابتدائية في قصبة تادلة، يقضي بحبسهم لمدة شهر نافذاً وتغريمهم 500 درهم لكل منهم. جاء هذا الحكم إثر احتجاجهم على ارتفاع أسعار السردين في السوق المحلي، وهو ما اعتبرته السلطات "تحريضاً" يهدد النظام العام.
تعود الواقعة إلى يوم الأحد 16 مارس 2025، حين قاد الشاب المهدي الرافعي، أستاذ اللغة الفرنسية بإحدى الإعداديات، دعوة لمقاطعة شراء السردين في سوق زاوية الشيخ، احتجاجاً على سعره المرتفع. انضم إليه شابان آخران، وتجمهر حوالي 30 شخصاً حولهم، مطالبين بتخفيض السعر إلى 5 دراهم للكيلوغرام. ووفقاً لتقرير باشا المدينة، الذي اطلعت عليه صحيفة "صوت المغرب"، لم يتسبب الاحتجاج في أي فوضى أو تخريب، حيث تفرق المحتجون بسلام، واستمر البيع في ظروف عادية.
رغم ذلك، أوقفت السلطات الشبان الثلاثة، ووجهت لهم تهماً بموجب الفصلين 380 و299-1 من القانون الجنائي، تشمل "التدخل بغير صفة في وظيفة عامة" و"التحريض المباشر على ارتكاب جنحة". وخلال الاستماع إليهم، أكدوا أنهم لم يحرضوا على التجمهر، بل عبروا عن استيائهم من الأسعار بطريقة سلمية، مشيرين إلى عبارات مثل "يجب أن نقاطع السمك" كتعبير عن رأيهم.
في جلسة المحاكمة يوم الخميس 5 أبريل 2025، أدانت المحكمة الابتدائية الشبان الثلاثة، رغم دفاع 15 محامياً بقيادة عبد اللطيف آيت الحاج، الذين طالبوا بالبراءة، معتبرين أن الوقائع لا تتطابق مع التهم الموجهة. وقال آيت الحاج لـ"صوت المغرب" إن الحكم "محاولة لتكميم أفواه المحتجين"، مشدداً على أن تقرير الباشا يثبت سلمية الاحتجاج وعدم تأثيره على السوق.
وفي اليوم التالي، استأنفت هيئة الدفاع الحكم، معربة عن أملها في إعادة تقييم القضية بموضوعية في مرحلة الاستئناف. وأضاف المحامي أن الحكم "مجانب للصواب"، وكان يُفترض أن ينتهي بحكم بالبراءة لعدم ثبوت الأفعال المجرمة.
أثار الحكم استياءً حقوقياً واسعاً، حيث اعتبر نشطاء أنه يعكس قمعاً للتعبير عن الرأي. وكتب حسن بناجح، عضو الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين، على وسائل التواصل الاجتماعي: "أعلن تضامني مع هؤلاء الشبان وأطالب بإطلاق سراحهم". بدوره، ندد عمر أربيب من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحكم "الجائر"، مؤكداً أنه يستهدف من يرفضون "الغلاء الفاحش".
من جانبه، رأى الناشط المهدي سابق أن القضية تتجاوز الشبان الثلاثة لتصبح دفاعاً عن فكرة أن "الاحتجاج ليس جريمة، بل ممارسة ديمقراطية"، مشيراً إلى أن غلاء المعيشة نتيجة اختيارات سياسية يجب محاسبة أصحابها، لا معاقبة المحتجين عليها.
مع انتقال القضية إلى مرحلة الاستئناف، يترقب الرأي العام والحقوقيون موقف المحكمة، وسط آمال بإنصاف الشبان الثلاثة. وتبقى هذه الواقعة شاهداً على التوتر المتصاعد بين المواطنين والسلطات في ظل ارتفاع الأسعار، مما يطرح تساؤلات حول حدود حرية التعبير والاحتجاج في مواجهة الأزمات الاقتصادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق