أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يوم الإثنين 7 أبريل 2025، بمدينة بنجرير، "البرنامج الوطني لدعم البحث التنموي والابتكار" بميزانية إجمالية تصل إلى مليار درهم. البرنامج، الذي يمتد حتى 2028، يأتي في إطار شراكة استراتيجية مع مجموعة المجمع الشريف للفوسفاط، بهدف دعم الباحثين الشباب، تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج، وتحويل الأبحاث إلى حلول اقتصادية مبتكرة.
يُعد هذا المشروع ثمرة تعاون وثيق بين الوزارة والمجمع الشريف للفوسفاط، حيث يتشارك الطرفان التمويل بنسبة 50% لكل منهما، بإجمالي مليار درهم، بعد أن كانت الميزانية الأولية محددة في 800 مليون درهم قبل رفعها لتلبية الطموحات المتزايدة. ويشارك في تنفيذ البرنامج كل من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، لضمان إدارة فعالة وشفافة للموارد. وقد شهد حفل الإطلاق الرسمي توقيع ثلاث اتفاقيات لتفعيل المحاور الرئيسية للمبادرة.
يتضمن البرنامج ثلاثة محاور فرعية مصممة لتغطية احتياجات البحث العلمي بشمولية. أولها "برنامج ابن بطوطة"، الذي يركز على تكوين جيل جديد من الباحثين الشباب الواعدين من خلال دعم مشاريعهم وتطوير قدراتهم. أما "برنامج ابن البناء" فيستهدف البحث التنموي في المجالات الاستراتيجية ذات الأولوية الوطنية، مثل إدارة الموارد المائية، الاقتصاد الأخضر، والتحول التكنولوجي. ويكتمل الهيكل بـ"برنامج النفزاوية"، الذي يسعى إلى تعزيز نقل التكنولوجيا وتثمين نتائج الأبحاث لخدمة الاقتصاد الوطني وخلق الثروة.
وفي تصريح حصري، أكد حميد بوعبيد، مدير البحث العلمي والابتكار بالوزارة، أن "البرنامج يهدف إلى إعداد جيل جديد من الباحثين وتقوية الرأسمال البشري العلمي، مع التركيز على أولويات وطنية كالماء والتنمية المستدامة". وأضاف أن "الميزانية ستُصرف عبر وحدة مخصصة بجامعة محمد السادس، لضمان الفعالية والشفافية". من جهته، قال نصر الدين يوبي، أستاذ فخري بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن "تكامل المحاور الثلاثة سيحدث نقلة نوعية في المشهد البحثي، لاسيما مع استهداف الكفاءات المغربية بالخارج التي خُصص لها 200 مليون درهم، أي 20% من التمويل".
يأتي هذا البرنامج تنفيذًا للتوجيهات الملكية التي تحث على جعل البحث العلمي رافعة للتنمية المستدامة، وفقًا لما ينص عليه القانون الإطار 51.17 المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي. وفي هذا السياق، أشار بوعبيد إلى أن "البرنامج يستهدف مختلف سلاسل القيمة البحثية، من التجريبي إلى التطبيقي، لتلبية احتياجات الاقتصاد والمجتمع". كما أكد يوبي أن "مبلغ مليار درهم، رغم أهميته، يحتاج إلى مبادرات موازية لتحريك المشهد البحثي بشكل أكبر في المستقبل".
من المتوقع أن يساهم البرنامج في تعزيز تنافسية المغرب علميًا واقتصاديًا، مع تركيز خاص على مجالات حيوية كالعلوم الاجتماعية، الطب، والحركية المستدامة. وبينما يراهن المغرب على هذه المبادرة لضخ دماء جديدة في الحقل البحثي، تبقى الأنظار متجهة نحو النتائج الملموسة التي ستظهر بحلول 2028، في ظل طموح وطني لتحقيق الريادة في المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق