المغرب وإيرلندا يرسمان ملامح شراكة اقتصادية طموحة عبر تعاون مالي واستثماري

المغرب وإيرلندا يرسمان ملامح شراكة اقتصادية طموحة عبر تعاون مالي واستثماري
يشهد المغرب وإيرلندا انطلاقة واعدة لتعاون اقتصادي استراتيجي، يهدف إلى تعزيز الروابط المالية والاستثمارية بين البلدين، في خطوة تعكس طموحهما لبناء شراكة مستدامة تدعم الابتكار والتنمية. ويأتي هذا التقارب في إطار زيارة وفد إيرلندي رفيع المستوى إلى المغرب، بقيادة جير كوربيت، الرئيس المدير العام لمنطقة سانديفورد للأعمال، لاستكشاف فرص التعاون مع القطب المالي للدار البيضاء.

خلال زيارته الأخيرة إلى المغرب، أكد جير كوربيت أن الشراكة بين المغرب وإيرلندا تحمل إمكانيات هائلة، خاصة من خلال التعاون بين القطب المالي للدار البيضاء ومنطقة سانديفورد للأعمال، وهي إحدى أبرز المراكز المالية والتكنولوجية في دبلن. وتوجت الزيارة بتوقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين، تهدف إلى تعزيز التبادل الاقتصادي وتبادل الخبرات في مجالات الحوكمة والتطوير المؤسسي.

وأشاد كوربيت بالتطور الملحوظ الذي يشهده المغرب في مجالات البنية التحتية، الابتكار، والتعليم، مشيرًا إلى أن رؤية المغرب التنموية تتجاوز الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030، لتشمل خططًا طويلة الأمد لتحقيق التنمية المستدامة.


يبرز القطب المالي للدار البيضاء كمركز مالي إقليمي رائد، حيث احتل المرتبة الأولى أفريقيًا في مؤشر المراكز المالية العالمية لعام 2023. وأشار كوربيت إلى أن هذا القطب يمتلك الإمكانيات ليصبح فاعلًا عالميًا في المستقبل القريب، بفضل إدارته الاستراتيجية وجاذبيته للاستثمارات الأجنبية. ويوفر القطب بيئة مواتية للشركات من خلال إعفاءات ضريبية وتسهيلات قانونية، مما يجعله شريكًا مثاليًا لمنطقة سانديفورد التي تضم أكثر من 1000 شركة و26 ألف مهني.

حدد الطرفان عدة قطاعات للتعاون، أبرزها التكنولوجيا المالية، التي شهدت دفعة قوية بعد استحواذ شركة HPS المغربية على شركة CR2 الإيرلندية عام 2022. وتُعد هذه الصفقة نموذجًا للتكامل بين خبرات البلدين في تطوير حلول الدفع الإلكتروني والخدمات المصرفية الرقمية. كما شملت المجالات المستهدفة تكنولوجيا المعلومات، المدن الذكية، التكنولوجيا الفلاحية، الصناعة، البناء، والسياحة.

في المجال الأكاديمي، تبرز الجامعة الدولية للرباط كشريك رئيسي في توسيع برنامج إيراسموس، مما يعزز تبادل الطلاب والبحث العلمي بين البلدين. وأشاد كوربيت بمستوى التعليم في المغرب، خاصة في الرياضيات، وانتشار اللغتين الفرنسية والإنجليزية، مما يسهل التواصل والتعاون.

أكد كوربيت أن المغرب يمثل فرصة استثنائية للمستثمرين الإيرلنديين، بفضل موقعه الاستراتيجي كبوابة إلى أسواق إفريقيا التي تضم أكثر من مليار مستهلك. كما يستفيد المغرب من قوة عاملة شابة ومؤهلة، تقدم حلاً للتحديات الديموغرافية التي تواجهها أوروبا، بما في ذلك إيرلندا. وفي هذا السياق، دعا كوربيت إلى تنظيم جولة ترويجية في إيرلندا، يقودها القطب المالي للدار البيضاء والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، لعرض الفرص الاستثمارية المتاحة.

تأتي هذه الشراكة في وقت يعزز فيه المغرب استثماراته في الطاقة المتجددة، مثل مشروع نور للطاقة الشمسية، بينما تتمتع إيرلندا بخبرة رائدة في التكنولوجيا الخضراء. ومن المتوقع أن يسهم التعاون في تطوير مشاريع مشتركة تركز على الاستدامة والابتكار، مما يعزز مكانة البلدين في الأسواق العالمية.

تُعد هذه الشراكة خطوة محورية نحو تعزيز الروابط الاقتصادية بين المغرب وإيرلندا، حيث تجمع بين طموح المغرب كمركز مالي وتكنولوجي إقليمي، وخبرة إيرلندا في الابتكار والتكنولوجيا، لتفتح آفاقًا جديدة للنمو المستدام والتعاون الدولي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق