ترامب يشعل فتيل حرب تجارية عالمية: رسوم جمركية جديدة تطال 180 دولة بينها المغرب

ترامب يعلن تفاصيل الرسوم الأميركية الجديدة

في خطوة تصعيدية أثارت موجة من الجدل العالمي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء 2 أبريل 2025، عن فرض رسوم جمركية جديدة تستهدف أكثر من 180 دولة ومنطقة حول العالم، بما في ذلك عدة دول عربية، في إطار ما وصفه بـ"يوم التحرير" الاقتصادي للولايات المتحدة.

جاء الإعلان خلال كلمة ألقاها ترامب في حديقة الورود بالبيت الأبيض، حيث وقّع أمرًا تنفيذيًا يفرض رسومًا أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات تقريبًا إلى الولايات المتحدة، مع تخصيص معدلات أعلى لبعض الدول بناءً على ما أسماه "المعاملة غير العادلة" للولايات المتحدة في التجارة الدولية.

ونشر البيت الأبيض قائمة رسمية عبر حسابه على منصة إكس، توضح الرسوم التي تفرضها هذه الدول على المنتجات الأمريكية، مقابل الرسوم "المتبادلة" التي قررت إدارة ترامب فرضها.

من بين الدول العربية التي شملها القرار، تتصدر تونس القائمة برسوم مفروضة من إدارة ترامب تبلغ 28%، رداً على رسومها البالغة 55% على الواردات الأمريكية، بينما خضعت الأردن لرسوم بنسبة 20% مقابل 40% تفرضها على الولايات المتحدة.

أما دول مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر والمغرب، فقد حصلت على نسبة موحدة قدرها 10%، وهي ذات النسبة التي تفرضها هذه الدول على المنتجات الأمريكية. ولم تتضمن القائمة الأولية دولاً عربية أخرى مثل العراق أو سوريا، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن المراجعات المستقبلية قد تشمل المزيد من الدول بناءً على تطورات العلاقات التجارية.

ترامب يشعل فتيل حرب تجارية عالمية: رسوم جمركية جديدة تطال 180 دولة بينها المغرب

خارج المنطقة العربية، فرض ترامب رسومًا بقيمة 34% على الصين، التي تعد أكبر منافس تجاري للولايات المتحدة، و20% على الاتحاد الأوروبي، و24% على اليابان، و31% على سويسرا، و49% على كمبوديا، و46% على فيتنام، و32% على تايوان، و26% على الهند، و50% على ليسوتو، فيما حصلت دول مثل بريطانيا وسنغافورة والبرازيل على الحد الأدنى للرسوم البالغ 10%.

كما واجهت كندا والمكسيك، الشريكان التجاريان الأكبر للولايات المتحدة، رسومًا بنسبة 25% على سلع مختارة، رغم التزامهما باتفاقية التجارة الحرة USMCA، مع استثناءات محدودة للسلع المتفق عليها مسبقًا.

وأضاف ترامب رسومًا خاصة بنسبة 25% على جميع السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة، اعتبارًا من منتصف ليل الأربعاء بتوقيت شرق الولايات المتحدة، واصفًا ذلك بـ"الخطوة الحاسمة" لإنعاش صناعة السيارات الأمريكية.

خلال كلمته، انتقد ترامب بشدة السياسات التجارية العالمية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة كانت تفرض رسومًا منخفضة تصل إلى 2.5% على السيارات الأجنبية، بينما يفرض الاتحاد الأوروبي 10%، ودول أخرى تصل رسومها إلى "200% أو 400%". وقال: "لقد سئمنا من الاستسلام الاقتصادي الأحادي الجانب، حان الوقت لمحاسبة الدول التي تستغلنا، سواء برسوم جمركية أو حواجز غير نقدية".

وأضاف أن العجز التجاري الأمريكي بلغ 1.2 تريليون دولار في العام الماضي، واصفًا ذلك بـ"الكارثة التي يجب أن تنتهي". ودعا الأمريكيين إلى "شراء المنتجات المحلية"، مؤكدًا أن هذه الرسوم ستعيد الوظائف والمصانع إلى الولايات المتحدة، وستجعلها "عظيمة مجددًا أكثر من أي وقت مضى".

تأتي هذه السياسة بعد أسابيع من التلميحات والضجة الإعلامية التي أثارها البيت الأبيض، حيث كان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم "متبادلة" على الأصدقاء والخصوم على حد سواء، بهدف تعزيز التصنيع الأمريكي وتقليص العجز التجاري.

وأوضح أن الرسوم لن تكون مضادة بالكامل لما تفرضه الدول الأخرى، بل تهدف إلى تحقيق "توازن تجاري عادل"، مع التركيز على الدول التي تفرض رسومًا مرتفعة أو تتبع حواجز تجارية غير جمركية مثل الضرائب على القيمة المضافة (VAT).

وانتقد الهند بشكل خاص، قائلاً: "الهند لا تعاملنا بإنصاف"، مشيرًا إلى أن رسومها البالغة 26% ستكون رادعًا لها.


في تفاصيل إضافية، شملت القائمة التي نشرها البيت الأبيض دولًا أخرى مثل:

الجزائر (30%)، عمان (10%)، قطر (10%)، البحرين (10%)، الجزائر (30%)، موريشيوس (40%)، جزر فيجي (32%)، أيسلندا (10%)، كينيا (10%)، إمارة ليختنشتاين (37%)، جيانا (38%)، هايتي (10%)، البوسنة والهرسك (35%)، نيجيريا (14%)، ناميبيا (21%)، سلطنة بروناي (24%)، بوليفيا (10%)، بنما (10%)، فنزويلا (15%)، مقدونيا الشمالية (33%)، وإثيوبيا (10%). وأشارت مصادر في الإدارة الأمريكية إلى أن هذه القائمة قد تتوسع لاحقًا لتشمل دولًا أخرى بناءً على تحليل العجز التجاري والممارسات الاقتصادية.

ردود الفعل الدولية لم تتأخر، حيث حذر الاتحاد الأوروبي من أن الرسوم البالغة 20% قد تؤدي إلى "حرب تجارية شاملة"، بينما أعربت الصين عن نيتها الرد بإجراءات مضادة على المنتجات الأمريكية مثل الزراعة والتكنولوجيا.

في المنطقة العربية، أثارت الرسوم على تونس والأردن قلقًا خاصًا، حيث تعتمد هذه الدول على تصدير منتجات مثل زيت الزيتون والمنسوجات إلى السوق الأمريكية، بينما تبدو دول الخليج ومصر أقل تأثرًا بسبب النسبة المنخفضة نسبيًا (10%) وتنوع أسواقها.

وفي اليابان، التي تواجه رسومًا بنسبة 24%، أعرب مسؤولون عن مخاوف من تأثير ذلك على صناعة السيارات، خاصة مع الرسوم الإضافية البالغة 25% على السيارات الأجنبية.

داخل الولايات المتحدة، تتوقع الأسواق ارتفاعًا في أسعار السلع المستوردة، من السيارات والإلكترونيات إلى المنتجات الغذائية، مما قد يفاقم التضخم في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضغوط متزايدة.

وفي مثال حي، قد يجد مستهلك أمريكي مثل سارة جونسون، وهي أم عازبة في ميشيغان، أن سعر سيارة تويوتا التي تخطط لشرائها قد ارتفع بنسبة 25% بين ليلة وضحاها.

وفي الوقت نفسه، يرى مؤيدو ترامب، مثل مستشاره الاقتصادي بيتر نافارو، أن الرسوم ستدر إيرادات تصل إلى 3 تريليون دولار على مدى عقد، مما يساعد في تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 التي تنتهي في 2025.

لكن الاقتصاديين يحذرون من مخاطر هذه السياسة، مشيرين إلى أنها قد تؤدي إلى ركود اقتصادي، خاصة مع توقعات بتباطؤ النمو بنسبة 50% في 2025.

قال الخبير الاقتصادي جيفري روتش: "هذه الخطوة قد تعزز التصنيع الأمريكي على المدى القصير، لكنها ستضر بالمستهلكين وتهدد التحالفات الدولية على المدى الطويل".

وفي قصة واقعية، يواجه مزارع تونسي مثل علي بن صالح، الذي يصدر زيت الزيتون إلى أمريكا، خطر فقدان 60% من أرباحه بسبب الرسوم الجديدة، مما قد يجبره على تقليص أعماله أو البحث عن أسواق بديلة.

مع بدء تطبيق الرسوم الأساسية البالغة 10% اعتبارًا من السبت الساعة 12:01 صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، والرسوم الخاصة بالسيارات من منتصف ليل الأربعاء، يترقب العالم الخطوة التالية في هذا التصعيد التجاري.

هل ستنجح رؤية ترامب في إعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي، أم ستفتح الباب أمام جولة جديدة من التوترات الاقتصادية والسياسية؟ الإجابة قد تعتمد على ردود الفعل الدولية والقدرة على تحمل الضغوط الاقتصادية في الأشهر المقبلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق