مايكروسوفت تُنهي عمل أبو السعد بعد احتجاجها ضد بيع تقنيات الذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي


أعلنت شركة مايكروسوفت، عن إنهاء عمل المهندسة ابتهال أبو السعد، وهي موظفة في فريق الذكاء الاصطناعي، بعد احتجاجها العلني خلال احتفال الشركة بالذكرى الخمسين لتأسيسها في 4 أبريل 2025. جاء هذا القرار بعد أن قاطعت أبو السعد كلمة الرئيس التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، مصطفى سليمان، متهمة الشركة ببيع تقنيات الذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي، واصفة إياه بأنه "يُستخدم في الإبادة الجماعية" في إشارة إلى الصراع في المنطقة.

وفقًا لمصادر مقربة من الحدث، وقعت الواقعة خلال فعالية داخلية أقامتها مايكروسوفت في مقرها الرئيسي بمدينة ريدموند، واشنطن، للاحتفال بمرور خمسين عامًا على تأسيس الشركة. وخلال كلمة سليمان، التي ركزت على إنجازات مايكروسوفت في مجال الذكاء الاصطناعي، تقدمت ابتهال أبو السعد، وهي مهندسة برمجيات فلسطينية الأصل، إلى المسرح وألقت بيانًا احتجاجيًا. وجهت فيه اتهامات مباشرة للشركة بالتواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال عقودها مع الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المقدمة عبر منصة Azure في عمليات عسكرية.

تم إخراج أبو السعد من القاعة على الفور من قبل فريق الأمن، وسط حالة من الصدمة بين الحضور. وبعد ثلاثة أيام فقط، في 7 أبريل 2025، تلقت أبو السعد إشعارًا رسميًا بإنهاء عملها عبر مكالمة فيديو مع ممثل من إدارة الموارد البشرية في مايكروسوفت. ولم تقدم الشركة تعليقًا رسميًا مفصلًا حول أسباب الفصل، لكن مصادر داخلية أشارت إلى أن القرار جاء نتيجة "انتهاك قواعد السلوك المهني" خلال الفعالية.

احتجاج ابتهال أبو السعد لم يأتِ من فراغ. في الأشهر الأخيرة، كانت هناك تقارير متزايدة حول علاقات مايكروسوفت التجارية مع الجيش الإسرائيلي. في أغسطس 2024، نشرت وكالة أسوشيتد برس تحقيقًا كشف عن توفير مايكروسوفت لنماذج ذكاء اصطناعي متقدمة عبر منصة Azure لدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية. هذه التقنيات، التي تشمل أنظمة التعرف على الوجوه والتحليل التنبؤي، أثارت قلق موظفي الشركة، خاصة أولئك الذين يعارضون استخدام الذكاء الاصطناعي في الصراعات العسكرية.

كما أن مجموعة "No Azure for Apartheid"، وهي حركة داخلية تضم موظفين ونشطاء يعارضون عقود مايكروسوفت مع إسرائيل، دعمت احتجاج أبو السعد ووصفته بأنه "عمل شجاع" يعكس مخاوف العديد من الموظفين. وفي بيان رسمي، قالت المجموعة: "إنهاء عمل ابتهال هو محاولة لإسكات الأصوات التي تطالب بالمسؤولية الأخلاقية في استخدام التكنولوجيا. مايكروسوفت تختار الأرباح على حساب حقوق الإنسان."

أثار قرار مايكروسوفت بفصل أبو السعد موجة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اتهم نشطاء ومستخدمون الشركة بمعاقبة الموظفين الذين يعبرون عن آرائهم السياسية. وطالب البعض بمقاطعة خدمات مايكروسوفت، بما في ذلك منصة Azure ومنتجات Office، دعمًا لقضية أبو السعد. في المقابل، دافع آخرون عن قرار الشركة، معتبرين أن تصرف أبو السعد خلال الفعالية كان غير مهني ويتعارض مع سياسات مكان العمل.

من جانبها، لم تصدر مايكروسوفت بيانًا رسميًا يتناول الحادثة بشكل مباشر، لكن مصادر داخل الشركة أكدت أنها تلتزم بسياسات صارمة بشأن السلوك المهني خلال الفعاليات الرسمية. وفي سياق متصل، أشارت تقارير إلى أن مايكروسوفت تواجه ضغوطًا داخلية متزايدة من موظفيها لإعادة تقييم عقودها مع الجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل الجدل المستمر حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الصراعات.

يأتي هذا الحدث في وقت تشهد فيه صناعة التكنولوجيا نقاشات متزايدة حول الأخلاقيات في استخدام الذكاء الاصطناعي. فقد واجهت شركات مثل جوجل وأمازون انتقادات مماثلة بسبب عقودها مع الحكومات والجيوش، مما دفع بعض الموظفين إلى تنظيم احتجاجات أو تقديم استقالاتهم. وفي حالة مايكروسوفت، فإن منصة Azure، التي تُعد واحدة من أكبر منصات الحوسبة السحابية في العالم، أصبحت محور نقاش حاد بسبب استخدامها في تطبيقات عسكرية.

كما أن قضية ابتهال أبو السعد تسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الشركات التكنولوجية في موازنة الأرباح التجارية مع المسؤولية الاجتماعية. فبينما تسعى مايكروسوفت إلى تعزيز مكانتها كرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، فإنها تواجه ضغوطًا متزايدة لضمان أن تكون تقنياتها تُستخدم بطريقة تتماشى مع القيم الأخلاقية.

إنهاء عمل ابتهال أبو السعد يُعد فصلًا جديدًا في سلسلة التوترات بين شركات التكنولوجيا وموظفيها حول قضايا الأخلاقيات والمسؤولية الاجتماعية. وبينما تستمر مايكروسوفت في مواجهة تداعيات هذا القرار، فإن الحادثة تثير تساؤلات أعمق حول دور الذكاء الاصطناعي في الصراعات العالمية وكيفية تعامل الشركات مع الأصوات المنتقدة داخلها. في الوقت الحالي، تبقى القضية محط اهتمام النشطاء والموظفين على حد سواء، مع دعوات متزايدة لإعادة النظر في سياسات مايكروسوفت التجارية والتشغيلية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق