تسعى شركة "ويسدوم موتور" الصينية إلى توسيع حضورها في الأسواق الدولية من خلال إقامة مصنع ضخم لتجميع السيارات الكهربائية في المغرب، وفقًا لما أفادت به مصادر إعلامية فرنسية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار التحولات الاستراتيجية التي تتبناها الشركات الصينية لمواجهة التداعيات الناجمة عن السياسات التجارية المتشددة التي فرضتها الولايات المتحدة، خاصة مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "أفريكا أنتلجنس"، فإن "ويسدوم موتور" أطلقت اتصالات مكثفة مع مسؤولين مغاربة ومستثمرين محليين لاستكشاف فرص التصنيع في المملكة، التي باتت تتموضع كمنصة صناعية متقدمة في قطاع السيارات على مستوى القارة الإفريقية.
وذكرت المصادر أن الشركة الصينية تدرس عدة مواقع محتملة لإنشاء المصنع، من بينها منطقة القنيطرة والمنطقة الصناعية بطنجة المتوسط، حيث تتواجد مصانع كبرى لشركات عالمية مثل "رونو" و"بيجو"، مما يعكس جاذبية المغرب كوجهة استثمارية استراتيجية في قطاع السيارات.
ويبدو أن اختيار المغرب لم يأتِ من فراغ، إذ يتمتع البلد ببنية تحتية متطورة تشمل موانئ حديثة وشبكة لوجستية متكاملة، فضلاً عن السياسات التحفيزية التي توفرها الحكومة المغربية للمستثمرين الأجانب.
ومن خلال هذا المشروع، تأمل "ويسدوم موتور" في الاستفادة من موقع المغرب كبوابة رئيسية لتصدير سياراتها نحو أوروبا وإفريقيا، مستغلة اتفاقيات التبادل الحر التي تربط المملكة بعدة تكتلات اقتصادية، مما يوفر للشركة ميزة تنافسية كبيرة في مواجهة التعريفات الجمركية والقيود التجارية في الأسواق الغربية.
وبحسب مصادر مطلعة نقلت عنها صحيفة "لاتريبون"، فإن دخول "ويسدوم موتور" إلى المغرب يعكس تحولًا أوسع في الاستراتيجية الصناعية الصينية، حيث باتت الشركات الكبرى تبحث عن مواقع إنتاج جديدة أكثر استقرارًا، بعيدًا عن التقلبات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب التجارية بين بكين وواشنطن.
كما أن توجه الصين نحو توسيع استثماراتها في المغرب ينسجم مع توجهات العديد من الشركات العالمية التي ترى في المملكة بيئة جاذبة بفضل استقرارها السياسي وتطورها الصناعي المتسارع.
ويأتي هذا الاهتمام في وقت عزز فيه المغرب مكانته كمركز رئيسي لصناعة السيارات في إفريقيا، متجاوزًا جنوب إفريقيا من حيث الإنتاج السنوي، بفضل استثمارات ضخمة من شركات عالمية.
وتمثل هذه الصناعة جزءًا جوهريًا من الاقتصاد المغربي، حيث تشكل حوالي 25% من إجمالي صادرات البلاد، بينما شهد القطاع مؤخرًا نموًا ملحوظًا في مجال تصنيع السيارات الكهربائية والهجينة، ما جعله نقطة جذب رئيسية للشركات الساعية إلى تقليل انبعاثات الكربون والامتثال للمعايير البيئية الأوروبية الجديدة.
ووفقًا لمحللين اقتصاديين، فإن استثمار "ويسدوم موتور" في المغرب قد يعزز من تنافسية المملكة على الصعيد الدولي، حيث يُتوقع أن يخلق المصنع الجديد آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، كما سيعزز من قدرات البلاد في مجال البحث والتطوير في قطاع السيارات الكهربائية.
كما أن هذا الاستثمار قد يفتح الباب أمام المزيد من الشركات الصينية للدخول إلى السوق المغربية، مما سيؤدي إلى زيادة حجم الاستثمارات في قطاع السيارات ويعزز من مكانة المغرب كمحور رئيسي للصناعات المستقبلية المرتبطة بالتكنولوجيا النظيفة.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى قدرة المغرب على جذب استثمارات أخرى في هذا المجال، خاصة مع احتدام المنافسة بين الدول الإفريقية لاستقطاب الشركات العالمية الراغبة في التوسع في القارة.
لكن ما يبدو مؤكدًا هو أن المغرب، بفضل موقعه الاستراتيجي وسياساته الاقتصادية الطموحة، مستعد للعب دور رئيسي في مستقبل صناعة السيارات الكهربائية، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق